وعلى مالك: أن ما جاز أن يكترى بالذهب والفضة.. جاز بما تنبته الأرض، كالدور، والدكاكين. وأما قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ولا بطعام مسمى» فأراد: مما يخرج من تلك الأرض، وخرج النهي على عرف أهل البلد ذلك الوقت؛ لأنهم كانوا يكرون الأرض بما يخرج على السواقي والجداول، أو بربع ما يخرج منها، أو بثلثه، أو بشيء مسمى مما يخرج منها، فنهاهم عن ذلك.
إذا ثبت هذا: فإن اكترى أرضًا للزراعة أو للغراس.. نظرت:
فإن كان لها ماء دائم لا ينقطع في العادة، مثل: أن تكون تشرب من دجلة أو الفرات، أو كان لها نهر أو بئر، أو كان لها بركة قد جمع فيها ماء من الأمطار يكفيها، أو كانت الأرض (بعلًا) وهي: الأرض التي فيها نداوة تكتفي بها.. صحت إجارتها للزرع والغراس؛ لأنه يمكنه زراعتها مع ذلك، فصح، كما لو باعه عبدًا يملكه.
[مسألة: استأجر أرضًا لا ماء فيها]
قال الشافعي:(فإذا تكارى الأرض التي لا ماء لها، وإنما تسقى بنطف سماء أو سيل إن جاء.. فلا يصح كراؤها إلا على أن يكريه إياها أرضًا بيضاء لا ماء لها، يصنع بها المكتري ما شاء في سنته، إلا أنه لا يبني ولا يغرس، فإذا وقع على هذا.. صح الكراء، ولزمه، زرع أو لم يزرع.
فإن أكراه إياها على أن يزرعها، ولم يقل: أرضا بيضاء لا ماء لها، وهما يعلمان أنها لا تزرع إلا بمطر أو سيل يحدث.. فالكراء فاسد) .
قال أصحابنا: وإذا اكترى أرضًا ليس لها ماء قائم، وإنما تزرع على سيل نادر إن جاء، أو بالأمطار الكثيرة، ولا تكتفي بالمطر المعتاد والنطف.. ففيها ثلاث مسائل:
إحداهن: أن يكتري هذه الأرض للزراعة.. فلا يصح؛ لأن اعتماد الزرع على السقي، فإذا لم يكن لها ماء قائم لا ينقطع في العادة.. لم يتمكن من استيفاء المنفعة،