والثالث - وهو قول أبي إسحاق -: إن كان الضامن مضطرا إلى القضاء، مثل: أن يطالبه المضمون له، والمضمون عنه غائب أو حاضر معسر. فقضى المضمون له.. رجع الضامن؛ لأنه مضطر إلى القضاء، وإن كان غير مضطر إلى القضاء، مثل: أن كان المضمون عنه حاضرا موسرا يمكنه أن يطالبه بتخليصه من الضمان، فقضى.. لم يرجع؛ لأنه متطوع بالأداء.
وكل موضع يثبت للضامن الرجوع على المضمون عنه، فأحال الضامن المضمون له بالحق على من له عليه دين، فإنه يرجع على المضمون عنه في المحال؛ لأن الحوالة كالقبض، وإن أحاله على من لا حق له عليه، وقبل المحال عليه، وقلنا: يصح.. برئ الضامن والمضمون عنه، ولا يرجع الضامن على المضمون عنه بشيء في الحال؛ لأنه لم يغرم شيئا، فإن قبض المحتال من المحال عليه، ورجع الحال عليه على الضامن.. رجع الضامن على المضمون عنه، وإن أبرأ المحتال المحال عليه من مال الحوالة.. لم يرجع المحال عليه على المحيل، وهو الضامن بشيء، ولم يرجع الضامن على المضمون عنه؛ لأنه لم يغرم واحد منهما شيئا، وإن قبض المحتال الحق من المحال عليه، ثم وهبه منه، أو قبض المضمون له الحق من الضامن، ثم وهبه منه.. فهل لهما الرجوع؟ فيه وجهان، بناء على القولين في المرأة إذا وهبت صداقها من الزوج، ثم طلقها قبل الدخول.
[فرع: القبض من أحد المدينين المتضامنين]
وإن كان لرجل على رجلين ألف درهم، على كل واحد منهما خمسمائة، وكل واحد منهما ضامن عن صاحبه.. فلمن له الدين أن يطالب بالألف من شاء منهما جميعا، فإن قبض من أحدهما ألفا.. برئا جميعا، وكان للدافع أن يرجع على صاحبه بخمسمائة إن ضمن بإذنه، وقضى بإذنه.
وإن قبض من أحدهما خمسمائة، فإن قال الدافع: خذها عن التي لك علي أصلا.. لم يرجع الدافع على صاحبه بشيء، وإن قال: خذها عن التي ضمنت.. برئا عنها، وكان رجوعه على صاحبه على ما مضى، وإن دفعها إليه وأطلق، فاختلف