قال ابن الصباغ: فإذا حل الحق.. لم يجز للعدل أن يبيعه حتى يستأذن المرتهن؛ لأن البيع لحقه، فإذا لم يطالب به.. لم يجز بيعه فإذا أذن المرتهن بذلك فهل يحتاج إلى استئذان الراهن ليجدد له الإذن؟ فيه وجهان:
[أحدهما] : قال أبو علي بن أبي هريرة: لا بد من استئذانه كما يفتقر إلى تجديد إذن المرتهن، ولأنه قد يكون له غرض في أن يقضي الحق من غيره.
و [الثاني] : قال أبو إسحاق: لا يفتقر إلى استئذانه؛ لأن إذنه الأول كافٍ، ويفارق المرتهن؛ لأن البيع يفتقر إلى مطالبته بالحق، وأما غرض الراهن: فلا اعتبار به؛ لأنه ما لم يغير الإذن الأول، فهو راضٍٍ به.
وإن عزل الراهن العدل.. انعزل، ولم يجز له البيع، وبه قال أحمد رحمة الله عليه.
وقال مالك، وأبو حنيفة رحمة الله عليهما:(لا ينعزل) .
دليلنا: أن الوكالة عقد جائز، فانعزل بعزله، كسائر الوكالات. وإن عزله المرتهن.. ففيه وجهان:
[أحدهما] : من أصحابنا من قال: ينعزل؛ لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال:(ولكل واحد منهما منعه من البيع) ، ولأنه أحد المتراهنين، فملك عزل العدل، كالراهن.
و [الثاني] : قال أبو إسحاق: لا ينعزل؛ لأن العدل وكيل الراهن، فلم ينفسخ بعزل غيره، وتأول كلام الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنه أراد: أن لكل واحد منهما منعه من البيع؛ لأن للمرتهن أن يمنعه من البيع؛ لأن البيع إنما يستحق بمطالبته، فإذا لم يطالب به، ومنع منه ... لم يجز، فأما أن يكون فسخا: فلا.
[فرع: وكالة العدل في بيع الرهن إذا حل الأجل]
إذا رهن شيئا، وشرط أن يكون في يد عدل، ووكل العدل في بيعه، فحل الحق قبل أن يقبض الرهن.. فذكر الشيخ أبو حامد في " التعليق ": أنه لا يجوز للعدل بيع الرهن؛ لأنه وكله ببيعه رهنا، وهذا رهن لم يلزم؛ لأنه لم يقبض، اللهم إلا أن يقبضه الآن، فيكون له بيعه.