للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فرع تفسير الجرح ضروري لقبوله]

] : ولا يقبل الجرح إلا مفسرا، فإن قال: هو مجروح أو فاسق.. لم يحكم بجرحه في ذلك.

وقال أبو حنيفة: (يحكم بجرحه) .

دليلنا: أن الناس مختلفون فيما يفسق به الإنسان وما يصير به مجروحا:

فمنهم من يقول: إن من شرب النبيذ مستحلا بشربه.. يفسق به، ومن وطئ في نكاح المتعة.. يصير به فاسقا.

ومنهم من قال: لا يفسق به، فلم يجز أن يقبل من الشاهد مطلقا؛ لجواز أن يكون قد اعتقد فسقه بشيء لا يرى الحاكم أنه يفسق به، والاعتماد على اجتهاد الحاكم.

قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (ولقد شهدت بعض من يعرف بالصلاح وهو يجرح رجلا فصرح بجرحه، وقيل له: بم جرحته؟ فقال: لا يخفى علي ما يجرح به الشهود، فألح عليه في ذلك، فقال: رأيته يبول قائما، فقيل: ما في ذلك؟ فقال: ينضح البول على ثيابه، فيصلي ولا يغسله، فقيل له: رأيته يصلي ولا يغسله؟ فقال: أراه يفعل ذلك) . فدل على أنه لا بد من ذكر السبب.

إذا ثبت هذا: فسئل الجارح عن سبب الجرح، فذكر أن الشاهد زنى.. لم يكن قاذفا، سواء كان بلفظ الشهادة أو بغير لفظ الشهادة؛ لأنه لم يقصد بشهادته إثبات الزنى ولا إدخال المعرة عليه بالقذف، وإنما قصد بيان صفته عند الحاكم ليتبين للحاكم حكمه، فلم يجب عليه الحد.

[فرع الجرح بالمعاينة أو السماع]

قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (ولا يقبل الجرح إلا بالمعاينة أو بالسماع) . واختلف أصحابنا في تأويل هذا:

<<  <  ج: ص:  >  >>