إذا قتل حر رجلًا، فقال القاتل: كان المقتول عبدًا، وقال ولي المقتول: بل كان حرًا، ولا بينة.. فقد قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - هاهنا:(القول قول الولي) ، وقال فيمن قذف رجلًا، فقال القاذف: هو عبد، وقال المقذوف: بل أنا حر: (القول قول القاذف) .
فمن أصحابنا من نقل جواب كل واحدة منهما إلى الأخرى وجعلهما على قولين:
أحدهما: القول قول الجاني والقاذف مع يمينه؛ لأن الأصل حقن دمه وحمى ظهره.
والثاني: القول قول الولي والمقذوف مع يمينه؛ لأن الظاهر منه الحرية.
ومنهم من حملهما على ظاهرهما وفرق بينهما، وقال: لأنا إذا جعلنا القول قول الجاني.. أسقطنا عنه القصاص، فيكون ذلك إسقاطًا للقصاص الذي يقع به الردع، وإذا جعلنا القول قول القاذف.. سقط الحد، ولم يسقط التعزير، فيقع به الردع.
وإن قال الجاني: قتلته وأنا صبي، وقال الولي: بل قتلته وأنت بالغ، ولا بينة.. فالقول قول الجاني مع يمينه؛ لأن الأصل فيه الصغر.
وإن قال القاتل: قتلته وأنا مجنون، وقال الولي: بل قتلته وأنت عاقل، فإن لم يعرف له حال جنون.. فالقول قول الولي مع يمينه؛ لأن الأصل عدم الجنون، وإن عرف له حال جنون ولم يعلم أنه قتله في حال الجنون أو في حال العقل.. فالقول قول الجاني مع يمينه؛ لأنه أعرف بحاله، والأصل براءة ذمته مما يدعى عليه.
وحكى ابن الصباغ وجهًا آخر: أن القول قول الولي مع يمينه؛ لأن الأصل السلامة، والأول أصح.