للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قال: هادنتكم إلى أن يشاء فلان - وهو رجل، مسلم، أمين، عاقل، له رأي - جاز، فإذا شاء فلان أن ينقض.. نقض. وإن قال: هادنتكم إلى أن تشاءوا أو إلى أن يشاء رجل منكم.. لم يصح؛ لأنه جعل الكفار محكمين على الإسلام، وقد قال النَّبيّ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه» .

[فرع: المدة التي يقر الحربي بها في دار الإسلام]

وإن دخل رجل من دار الحرب إلى دار الإسلام برسالة، أو بأمان، أو لحمل ميرة يحتاجها المسلمون، أو تاجرا.. قال الشيخُ أبُو حامد: فإنه يجوز للإمام أن يقره في دار الإسلام ما دون السنة بغير عوض؛ لأنه في حكم العقود، ولا يجوز له أن يقره سنة؛ لأن الجزية تجب فيها. فإذا قارب السنة.. قال له الإمام: إقرارك في دار الإسلام سنة بلا عوض لا يجوز، فإن كان وثنيا.. أمره أن يلحق بدار الحرب. وإن كان كتابيا.. قال له: إما أن تلحق بدار الحرب، أو تعقد لك الذمة وتبذل الجزية.

وقال ابن الصبَّاغ: يجوز له أن يقره أربعة أشهر بلا عوض، ولا يجوز له أن يقره سنة بغير عوض. وهل له أن يقره ما زاد على أربعة أشهر ودون السنة بغير عوض؟ على القولين في الهدنة مع استظهار الإمام.

[فرع: عقد الهدنة إلى مدة بشرط عوض]

ويجوز عقد الهدنة إلى مدة على أن يؤخذ من الكفار مال؛ لأن في ذلك مصلحة للمسلمين.

وأمَّا عقد الهدنة على مال يؤخذ من المسلمين، فإن لم يكن هناك ضرورة، لكن كان الإمام محتاجا إلى ذلك؛ بأن بلغه سير العدو وخافهم، أو كانوا قد ساروا ولم يلتقوا، أو التقوا ولم يظهروا على المسلمين ولا خيف ظهورهم.. فلا يجوز بذل العوض لهم؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ} [التوبة: ١١١] [التوبة: ١١١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>