قال الشافعيُّ، - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (فأخبر الله تَعالَى: أن المؤمنين إذا قتلوا أو قُتلوا.. استحقوا الجنة، فاستوى الحالتان في الثواب، فلم يجز دفع العوض لدفع الثواب، ولأن في ذلك إلحاق صغار بالمسلمين، فلم يجز من غير ضرورة) .
وإن كان هناك ضرورة بأن أسروا رجلا من المسلمين.. فيجوز للإمام ولغيره أن يبذل مالا لتخليصه؛ لـ:«أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فادى العقيلي برجلين من أصحابه بعدما أسلم العقيلي واسترق وحصل من جملة الأموال» فدلَّ على جواز بذل الأموال لاستنقاذ الأسارى من المسلمين.
وإن كان المسلمون في حصن، وأحاط المشركون بهم ولم يمكنهم الخروج منه ولا المقام فيه، أو التقى المسلمون والمشركون في مكان، وأحاط المشركون بهم من جميع الجهات، وكان المسلمون قليلا والمشركون كثيرا، وخاف الإمام هلاك المسلمين، أو التقوا وخاف الإمام هزيمة المسلمين.. فيجوز له في هذه المواضع أن يبذل للمشركين مالا ليتركوا قتالهم؛ لما رُوِيَ: «أن الحارث بن عمرو الغطفاني - رأس غطفان - قال للنبي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن جعلت لي يا محمد شطر ثمار المدينة، وإلا.. ملأتها عليك خيلا ورجلا؟ فقال له النَّبيّ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " حتى أشاور السعود " - يعني: سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ، وسعد بن زرارة - فشاورهم النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ذلك، فقالوا: يا رسول الله، إن كان هذا بأمر من السماء.. فتسليما لأمر الله، وإن كان هذا برأيك.. فرأينا لرأيك تبع، وإن لم يكن بأمر من السماء ولا برأيك.. فوالله ما كنا نعطيهم في الجاهلية بسرة ولا تمرة إلا قراء أو شراء، فكيف وقد أعزنا الله بالإسلام وبك يا رسول الله؟! وفي رواية: أن الحارث أنفذ إليه رسولا بذلك، فقال النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لرسوله:" أوتسمع؟ " ولم يعطه شيئا.» .