للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة عفو بعض الجماعة عن القصاص]

وإن كان القصاص لجماعة، فعفا بعضهم عن القود.. سقط القود عن القاتل؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فأهله بين خيرتين: إن أحبوا.. قتلوا، وإن أحبوا.. أخذوا الدية» وهؤلاء لم يحبوا؛ لأن فيهم من يحب وفيهم من لم يحب.

وروي: أن رجلاً قتل رجلاً، فأراد ورثة المقتول أن يقتصوا، فقالت زوجة القاتل - وكانت أخت المقتول -: قد عفوت عن نصيبي من القود، فقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (عتق من القتل) .

وكذلك روي عن ابن مسعود، ولا مخالف لهما في الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فدل على: أنه إجماع.

ولأن القصاص يقع مشتركاً لا يتبعض، فإذا سقط بعضه.. سقط الجميع، وينتقل حق الباقين إلى الدية؛ لما روي: (أن رجلاً دخل على امرأته، فوجد معها رجلاً، فقتلها، فقال بعض إخوتها: قد تصدقت بنصيبي، فقضى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لسائرهم بالدية) . ولأن حقهم قد سقط من القصاص بغير اختيارهم، فانتقل حقهم إلى البدل مع وجوده، كما ينتقل حق الشريك في العبد إذا أعتقه شريكه إلى القيمة.

[مسألة وجب القصاص فباشر أو وكل]

وإن وجب له القصاص على رجل، فرمى إليه بسهم أو بحربة، ثم عفا عنه بعد الرمي وقبل الإصابة.. لم يصح العفو؛ لأنه لا معنى لهذا العفو كما لو جرحه ثم عفا عنه.

وإن وجب له القصاص.. فقد ذكرنا: أنه يجوز له أن يوكل من يستوفي له القصاص بحضرة الموكل، وهل يصح أن يوكل من يستوفي له القصاص بغيبته - أعني:

<<  <  ج: ص:  >  >>