وإن خرجت من الأولى، فطلقها أو مات عنها وهي بين الأولى والثانية.. ففيه وجهان:
أحدهما: أنها بالخيار: بين أن ترجع إلى الأولى، فتعتد فيها؛ لأنها لم تحصل في الثانية، وبين أن تمضي إلى الثانية، فتعتد فيها؛ لأنه قد أمرها بالانتقال إليها.
والثاني: لا يجوز لها أن ترجع إلى الأولى، بل يلزمها أن تصير إلى الثانية، وتعتد فيها، وهو الأصح؛ لأنها منهية عن المقام في الأولى، وقد فارقتها مأمورة بالإقامة في الثانية.
إذا ثبت هذا: فإن الاعتبار بانتقالها هو انتقالها ببدنها دون قماشها وخدمها، فمتى انتقلت ببدنها إلى الثانية.. فقد صارت مسكنا لها.
وإن كان متاعها وقماشها في الأولى، فإن نقلت قماشها ومتاعها إلى الثانية، وبقيت في الأولى، فطلقها أو مات عنها.. فمسكنها الأولى.
وقال أبو حنيفة:(الاعتبار ببدنها وقماشها ومتاعها) .
دليلنا: أن الاعتبار بالسكنى بالبدن، بدليل: قَوْله تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ}[النور: ٢٩][النور: ٢٩] . فسماها غير مسكونة، وإن كان فيها متاعهم.
إذا ثبت هذا: فإن انتقلت ببدنها إلى الثانية، ثم رجعت إلى الأولى لنقل قماشها أو متاعها، ثم طلقها أو مات عنها وهي في الأولى.. فمسكنها الثانية؛ لأنها قد صارت مسكنا لها لانتقالها إليها ببدنها، وإنما رجعت إلى الأولى لحاجة.
[مسألة أذن لها بسفر ثم طلقها]
وإن أذن لها في السفر إلى بلد، ثم طلقها أو مات عنها، وهي في مسكنها لم تخرج ببدنها منه.. فعليها أن تعتد فيه، سواء أخرجت قماشها أو لم تخرجه؛ لأن الاعتبار ببدنها.