) : قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (ولا بأس أن يكاتبه على خدمة شهر ودينار بعد انقضاء الشهر) .
وهذا ينظر فيه: فإن كاتبه على خدمة شهر ودينار بعد انقضاء الشهر بيوم أو يومين.. صح، ومن شرط الشهر أن يكون متصلًا بالعقد، كما قلنا في الإجارة.
فإن قيل: فالعوض في الكتابة لا يكون حالًا.. فكيف جاز هاهنا أن يكون الشهر متصلًا بالعقد؟
قلنا: إنما لم يجز في العوض أن يكون حالًا؛ لأنه يتحقق عجزه عنه، وأما الخدمة: فهو قادر عليها، فلهذا جازت الكتابة عليها حالة.
وإن كتابه على خدمة شهر ودينار بعد انقضاء الشهر من غير فصل بينهما.. فهل يصح؟ فيه وجهان:
قال أبو إسحاق: لا يصح؛ لأنه يكون كتابة على نجم واحد، فلم تصح.
وقال أبو علي بن أبي هريرة: يصح، وهو المذهب؛ لأن الكتابة إنما لم تصح على نجم واحد؛ لأنه لا يقدر على تحصيله، وهاهنا يقدر على خدمة شهر ودينار بعده، فصحت الكتابة.
وهكذا: لو كاتبه على خدمة شهر ودينار في أثناء الشهر.. صح ذلك؛ لأن الشافعي قال في " الأم "(٧/٣٧٤) : (إذ شرط الدينار بعد الشهر أو معه.. كان جائزًا، وإن كاتبه على دينار وخدمة شهر بعد الدينار.. لم يصح) .
وقال أصحاب أحمد: يصح.
دليلنا: أن من شرط الشهر أن يكون متصلا بالعقد، ومن شرط العوض أن يكون متراخيًا عن العقد بالأجل، فإذا شرط حلول الدينار وتأجيل الشهر.. لم يصح.
قال ابن الصباغ: وإطلاق الخدمة يكفي؛ لأنها معلومة بالعرف، ويلزمه خدمة مثله.