لا يجران إلى أنفسهما نفعا بشهادتهما. وإن كانت لم تندمل.. لم تقبل شهادتهما؛ لجواز أن تسري الجراحة إلى نفسه، فتجب الدية لهما. وإن ادعى المريض مالا على رجل فأنكره، فشهد له بذلك رجلان من ورثته من غير الوالدين والمولودين.. ففيه وجهان:
أحدهما: لا تقبل شهادتهما، كما قلنا في الجراحة.
والثاني: تقبل؛ لأن المال يثبت للمريض، بخلاف الدية؛ فإنها تثبت للورثة.
وإن شهد رجلان لأخيهما بجراحة لم تندمل، وللمجروح وارث يحجبهما.. قبلت شهادتهما. فإن مات من يحجبهما قبل موت المشهود له.. نظرت: فإن مات من يحجبهما قبل الحكم بشهادتهما.. لم يجز الحكم بشهادتهما؛ لأنهما صارا مستحقين للميراث، فلم يجز الحكم بشهادتهما، كما لو فسقا قبل الحكم بشهادتهما. وإن مات من يحجبهما بعد الحكم بشهادتهما.. لم يؤثر موته في شهادتهما، كما لو فسقا بعد الحكم بشهادتهما. وأما شهادة الدافع عن نفسه ضررا بشهادته؛ فمثل أن يشهد الضامن على المضمون له أنه اقتضى الدين الذي ضمن به عن المضمون عنه أو أبرأه منه.. فإنها لا تقبل؛ لأنه يدفع بهذه الشهادة ضررا عن نفسه؛ وهو مطالبة المضمون له. وكذلك إذا شهد شاهدان على رجل لرجل باستحقاق عين في يده، فشهد وكيل المشهود عليه بجرح الشاهدين عليه، أو شهد الوصي بجرح الشهود على الصبي باستحقاق عين في يده.. فلا تقبل شهادتهما؛ لأن العين إذا استحقت.. انقطع تصرف الوكيل والوصي بها. وكذلك إذا شهدا بإبراء الغريم.. لم تقبل شهادتهما؛ لما ذكرناه.
[فرع جرح عاقلة المدعى عليه لشهود المدعي بجراحته]
] : وإن ادعى على رجل أنه جرحه فأنكر، وأقام عليه شاهدين، وأقام المدعى عليه من عاقلته شاهدين بجرح شاهدي الجراحة عليه، فإن كانت الدعوى عليه في جناية العمد.. قبلت شهادتهما؛ لأنهما لا يجران بهذه الشهادة إلى أنفسهما نفعا ولا يدرآن بها ضررا. وإن كانت في الخطأ أو عمد الخطأ، فإن كان الشاهدان بالجرح موسرين.. لم تقبل