ومات.. وجبت الدية على عاقلة الطالب؛ لأنه ألجأه إلى الهرب.
وإن فر منه، فافترسه سبع في طريقه.. لم يجب على الطالب ضمانه؛ لأنه لم يلجئ السبع إلى قتله، وإنما ألجأ المطلوب إلى الفرار، وذلك سبب، وأكل السبع فعل، فإذا اجتمع السبب والفعل.. تعلق الضمان بالفعل دون السبب.
وإن طلب صبياً أو مجنوناً بالسيف، ففر منه، وألقى نفسه من سطح، فمات، فإن قلنا: إن عمدهما عمد.. لم يضمن الطالب الدية، وإن قلنا: إن عمدهما خطأ.. ضمن.
[فرع ألقى رجلاً من علو وقطعه آخر]
وإن رمى رجل رجلاً من شاهق مرتفع يموت منه غالباً إذا وقع، فقطعه رجل نصفين قبل أن يقع.. ففيه وجهان:
أحدهما: أنهما قاتلان، فيجب عليهما القود أو الدية؛ لأن كل واحد منهما قد فعل فعلاً لو انفرد به.. لمات من غالباً، فصارا كالجارحين.
والثاني: أن القاتل هو القاطع؛ لأن التلف إنما حصل بفعله، فصار كما لو جرحه رجل وذبحه آخر، ويعزر الأول.
وإن كان الشاهق مما لا يموت منه غالباً.. كان القاتل هو القاطع، وجهاً واحداً؛ لأن ما فعله الأول لا يجوز أن يموت منه.
وإن زنى بامرأة وهي مكرهة، فحبلت منه، وماتت من الولادة.. ففيه قولان:
أحدهما: تجب عليه ديتها؛ لأنها تلفت بسبب من جهته تعدى فيه، فضمنها.
والثاني: لا تجب عليه؛ لأن السبب انقطع حكمه بنفي النسب عنه.