الاسترسال كان باختيار الكلب، وشدة العدو يجوز أن يكون لنشاط حدث له، ويجوز أن يكون اتباعا لاختيار صاحبه، فكان بناؤه على الأول أولى به؛ لأنه لم يفارق اختيار نفسه، ولأنه قد اجتمع أمران: أحدهما: ما يوجب الحظر. والثاني: ما يوجب الإباحة، فغلب ما يوجب الحظر، كما لو أرسله مسلم ومجوسي وقتل الصيد. ويفارق إذا وقف، ثم أشلاه فاسترسل؛ لأن هناك قد قطع اختيار نفسه وهاهنا لم يقطع.
وأما قول الأول: إذا طلب الكلب إنسانا، ثم أضراه آخر وجنى عليه.. وجب الضمان على الذي أغراه.. فغير مسلم.
وإن أرسل المسلم كلبا على صيد فزجره مجوسي فانزجر، ثم أشلاه فاستشلى وقتل الصيد.. لم يحل ما قتله؛ لأنه قد قطع الاسترسال الأول بوقوفه. وإن لم يزجره المجوسي، بل أشلاه على الصيد، فإن لم يزدد نشاطا في عدوه.. لم يؤثر إشلاء المجوسي، وإن ازداد نشاطا بإشلاء المجوسي، ثم ذهب فقتل الصيد.. فوجهان:
أحدهما ـ وهو قول الشيخ أبي حامد -: أنه يحل اعتبارا بفعله الأول، ولم يوجد ما يقطعه.
والثاني ـ حكاه القاضي أبو الطيب، وهو قول أبي حنيفة ـ: أنه لا يحل؟ لأنه قد شاركه المجوسي في الإرسال، فلم يحل ما قتله، كما لو أرسلاه معا.
وهكذا لو أرسل المجوسي كلبا، فإن زجره المسلم فانزجر ثم أشلاه فاستشلى وقتل الصيد ... حل ما قتله، وإن لم يزجره ولكن أشلاه فازداد في عدوه وقتل الصيد.. فهل يحل ما قتله؟ على الوجهين.
[فرع: إرسال المجنون والصبي والأعمى للكلب]
وإن أرسل المجنون أو الصبي كلبا على صيد فاسترسل وقتل الصيد، أو رماه فقتله.. فالمشهور: أنه يحل أكله، كما لو ذبح شاة.
وحكى الطبري في " العدة " وجها آخر: أنه لا يحل؛ لأنه لا قصد له. وليس