وقال ابن أبي ليلى وأبو يوسف: يجوز له أن يحكم له بذلك.
دليلنا: أنهما لو شهدا على رجل أنه شهد لفلان بكذا، والشاهد لا يذكر ذلك.. لم يجز له أن يشهد بذلك، فكذلك الحاكم لا يجوز له أن يحكم له بشهادتهما إذا كان غير ذاكر له.
وإن كانت الحجة بخط القاضي قبله وختمه.. فلا يجوز له أن يحكم للمدعي بذلك حتى يشهد بذلك شاهدان على حكم القاضي قبله له بذلك. فإن كان القاضي الثاني قد حضر عند الأول عند حكمه لهذا المدعي بهذه الحكومة.. فهل يجوز له أن يقضي له بذلك؟ فيه قولان، بناء على القولين في الحكم بالعلم.
وإن أقام المدعي بينة على أن القاضي الأول حكم له بذلك، وأقام المدعى عليه بينة أن القاضي الأول توقف في ذلك.. لم يجز للثاني أن يحكم له بذلك.
وحكى المسعودي [في " الإبانة "] وجها آخر: أنه يجوز له أن يحكم له بذلك.
والمشهور هو الأول؛ لأن الثاني فرع للأول، فلا يجوز للثاني إنفاذ الحكم مع توقف الأول، كما لو شهد شاهدان على شهادة رجل، وشهد آخران على توقف شاهد الأصل.. فإنه لا يجوز الحكم بشهادة من شهد على شهادته.
[فرع يندب للحاكم أن يوجه للصلح]
] : قال في " الأم ": (إن بان للحاكم وجه الحكم.. ندبهما إلى الصلح، وأخر الحكم اليوم واليومين) ؛ لأن الصلح مندوب إليه. ويسألهما أن يحللاه من تأخير الحكم، فإن لم يجتمعا على تحليله وطالباه بالحكم.. وجب عليه الحكم؛ لأن الحكم إذا بان وجهه.. وجب على القاضي إنفاذه. هكذا ذكر ابن الصباغ، والذي يقتضي المذهب: أن التحليل بتأخير الحكم إنما يطلب من المحكوم له، وكذلك