قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (حلف كل واحد منهما لصاحبه على نفي ما ادعاه) .
قال أصحابنا: ليس هذا على ظاهره؛ لأن كل واحد منهما يدعي جميعها، وليس في يد كل واحد منهما إلا نصفها، بل يجب على كل واحد منهما أن يحلف لصاحبه على النصف الذي هو في يده، فإن حلف كل واحد منهما لصاحبه.. قسمت العين بينهما نصفين؛ لما روى أبو موسى الأشعري:«أن رجلين تنازعا دابة، وليس لأحد منهما بينة، فجعلها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينهما [نصفين] » ، ولا يكون ذلك إلا إذا حلف كل واحد منهما لصاحبه. فإن حلف أحدهما لصاحبه ونكل الآخر.. ردت اليمين على الحالف، فإن حلف على النصف الذي في يد الناكل.. قضي له بجميعها.
[مسألة تداعيا عينا وأقام واحد بينة]
وإن تداعيا عينا وأقام أحدهما بينة.. قضي بها لصاحب البينة، سواء كانت العين في يد صاحب البينة أو في يد المدعي الآخر أو في يد ثالث أو لا يد لأحد عليها؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «البينة على المدعي، واليمين على من أنكر» ، فبدأ بالحكم بالبينة، فدل على أنها أقوى حجة، وهذا قد أقام البينة فحكم له بها.
وإن ادعيا عينا في يد أحدهما، وأقام كل واحد منهما بينة.. حكم بها لصاحب اليد. وبه قال شريح، والنخعي، والحكم، ومالك، وأبو ثور.
وقال أبو حنيفة: (إذا أقام المدعي البينة، ثم أراد المدعى عليه أن يقيم البينة في مقابلته.. نظرت: فإن كانت تشهد بملك مطلق أو بملك مضاف إلى سبب يتكرر ذلك السبب؛ مثل أن تكون الدعوى في آنية تسبك وتصاغ ثانيا وثالثا، أو في ثوب كتان أو صوف ينقض ثم ينسج.. لم تسمع بينته. وإن كانت بينته تشهد بملك مضاف إلى سبب