واختاره ابن الصباغ؛ لأن أصله لا يمكن استيفاء قطعه إلا بقطع غيره، وإذا قطع بعضه.. لم يمكن تقدير بعضه من الجملة. هذا ترتيب ابن الصباغ.
وأما الشيخ أبو إسحاق فذكر: أن القصاص يثبت في جميعها، وهل يثبت في بعضها؟ على وجهين.
[مسألة من قلع سناً قلعت سنه]
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (وإن قلع سن من قد أثغر.. قلع سنه، وإن كان المقلوع سنه لم يثغر.. وقف حتى يثغر) .
وجملة ذلك: أن القصاص يجب في السن؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ}[المائدة: ٤٥][المائدة: ٤٥] .
ولما روي: «أن الربيع بنت معوذ كسرت سن جارية، فأمر رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكسر سنها، فقال أنس بن النضر: أتكسر ثنية الربيع؟ لا والله، لا تكسر، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " كتاب الله القصاص " فعفا الأنصاري، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن من عباد الله من لو أقسم على الله.. لأبره» .
إذا ثبت هذا: فإنه يقال للصبي إذا سقطت رواضعه - وهي: الأسنان التي تنبت له وقت رضاعه -: ثغر، فهو مثغور، فإذا نبتت له مكانها غيرها.. قيل له: أثغر واثّغر، لغتان.
فإذا قلع سن غيره.. فلا يخلو المقلوع سنه: إما أن يكون لم يثغر، أو كان قد ثغر.
فإن كان لم يثغر.. فإن القصاص لا يجب على الجاني في الحال؛ لأن العادة جرت: أن سن من لم يثغر تعود إذا قلعت، وما كان يعود إذا قلع.. لا يجب فيه القصاص، كالشعور. ويسأل أهل الخبرة: كم المدة التي تعود هذه السن في مثلها؟