ودليلنا: أنهما منفعتان يجوز إجارتهما، فجاز أن يستأجر إحداهما بالأخرى، كما لو كانتا مختلفتين.
إذا ثبت هذا: فلا تصح الإجارة إلا بأجرة معلومة القدر؛ لما ذكرناه من الخبر، ولأنه عقد معاوضة.. فلم يصح بعوض مجهول، كالبيع.
فإن استأجر أجيرًا كل يوم بطعام معلوم، من بر، أو ذرة، أو شعير، أو غير ذلك مما يجوز السلم فيه.. صح؛ لأنه عوض يجوز أن يكون ثمنًا في البيع، فجاز أن يكون عوضًا في الإجارة، كالدراهم والدنانير.
وإن استأجره بطعامه الذي يأكله كل يوم وكسوته.. لم تصح الإجارة، وبه قال أبو يوسف، ومحمد.
وقال أبو حنيفة:(يجوز ذلك في إجارة المرضعة وحدها) .
وقال مالك، وأحمد:(يجوز ذلك في كل أجير) .
دليلنا: أن هذا عوض في عقد.. فلم يجز أن يكون مجهولًا، كالبيع.
وعلى أبي حنيفة: أن كل ما لا يجوز أن يكون أجرة في غير الرضاع.. لا يجوز أن يكون أجرة في الرضاع، كالدراهم المجهولة.
فإن قالوا: فقد قال الله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ}[البقرة: ٢٣٣][البقرة: ٢٣٣] . إلى أن قال:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: ٢٣٣][البقرة: ٢٣٣] .
قلنا: المراد بهذا: بيان نفقة الزوجة، فنص على وجوب نفقتها في حالة الإرضاع؛ لينبه على وجوبها في كل حالٍ؛ لأنها إذا وجبت مع تشاغلها بالإرضاع، فمع عدم التشاغل أولى.
[فرع: الاستئجار لحمولة معينة]
] : فإن قال: استأجرتك لتحمل لي هذه الصبرة بعشرة دراهم.. صح، كما لو اشتراها بعشرة دراهم.
وإن قال: استأجرتك لتحمل لي هذه الصبرة، كل قفيز بدرهم.. صحت