أحدهما فأثبته، ثم أصابه الثاني في محل الذكاة، فقطع الحلقوم والمريء، أو أثبتاه ولم يصيراه في حكم الممتنع، ثم أدركه أحدهما فذكاه.. فيحل أكله. وأما قول الشافعي:(يكون بينهما) فأراد: إذا كانت يدهما عليه، فلا يعلم من يستحقه منهما، فيقسم بينهما. فأما إذا وجداه ميتا من الجراحتين.. فلا يحل أكله، فإن اتفقا على أن الثاني الذي قتله.. كان عليه القيمة. وإن اختلفا فيه.. حلف كل واحد منهما لصاحبه، كالمسألة التي تقدمت.
و [الثاني] : من أصحابنا من قال: المسألة مفروضة في صيد يمتنع برجله وجناحه كالقبج، فأصاب أحدهما رجله وكسرها، وأصاب الآخر جناحه وكسره ومات.. فقد ذكرنا فيها وجهين. فإن قلنا: إنه بينهما.. فالمسألة مفروضة فيه، وإن قلنا: إنه للثاني.. فلا يعلم الثاني منهما ويدهما عليه، فكان بينهما. وهذا القائل ترك ظاهر كلام الشافعي.
و (الثالث) : قال أبو إسحاق: المسألة على ظاهرها، فيحل أكله؛ لأن الأصل بقاؤه على الامتناع إلى أن رماه الثاني، ويكون بينهما؛ لأن يدهما عليه، فإن قيل فقد قلتم: الأصل بقاؤه على الامتناع إلى أن رماه الثاني، فكيف لم تزل بذلك يد الأول؟ قلنا: هذا لا يزال به حكم اليد، ولهذا لو كان عنده شيء يدعيه.. حكم له بذلك وإن كان الأصل عدم الملك، فدل على: أن اليد أقوى من حكم الأصل.
[مسألة: وجوب الأرش إذا رمى اثنان صيدا]
إذا رمى رجل صيدا فوجأه، بأن قطع الحلقوم والمريء أو ثغرة النحر، أو أصابه في مقتل كالقلب والخاصرة.. فقد ملكه بذلك، ولا يفتقر إلى ذكاة. فإن رماه آخر بعد ذلك.. فإنه لا تأثير للثاني في تحريمه، بل يجب عليه أرش ما نقص إن أحدث به نقصا، بأن خرق جلده أو ما أشبه ذلك.
وإن لم يصيره الأول في حكم المذبوح، بل أزال امتناعه فقط.. فقد ملكه بذلك،