وقال ابن أبي ليلى: لا يجوز للحاكم أن يحكم للمدعي حتى يحلف مع شاهديه.
دليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «البينة على المدعي، واليمين على من أنكر» . فجعل على المدعي البينة فقط، ومن قال: عليه مع البينة اليمين.. فقد خالف الظاهر. «ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للحضرمي:" ألك بينة؟ " قال: لا، قال:" لك يمينه، ليس لك إلا ذلك» . وهذا نص أنه ليس له عليه البينة واليمين؛ لأنه لم يقل: ألك بينة ويمين. ولأن البينة قد سمعت، واستحلاف الخصم على ما شهدت به البينة طعن فيها، فلم تجب.
وإن ادعى عليه دينا، فقال المدعى عليه: قد قضيتك كذا أو أبرأتني منه.. فإن هذا إقرار منه له بالدين، ويكون المدعى عليه مدعيا للبراءة أو القضاء. فإن أقام على ذلك البينة.. برئ، وإن لم يقم البينة وسأل أن يحلف المدعي أنه لم يقض ولم يبرئه.. لزمه أن يحلف؛ لأن الأصل عدم القضاء أو البراءة، ولا يكون ذلك طعنا في البينة؛ لأنها يمين في دعوى غير ما شهدت به البينة.
[فرع للمدعي بينة غائبة أو حاضرة ولم يقمها أو كذبها]
] : وإن كان للمدعي بينة غائبة وقال: لا أتمكن من إقامتها.. فهو بالخيار: إن شاء استحلف خصمه، وإن شاء تركه. فإن استحلفه.. جاز، وإن لم يستحلفه وتركه.. لم يجز له ملازمته ولا مطالبته بالكفيل.
وقال أبو حنيفة:(له ملازمته ومطالبته بالكفيل إلى أن يقيم البينة) .
دليلنا: «قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للحضرمي: " ألك بينة؟ " قال: لا، قال: " لك يمينه، ليس لك إلا ذلك» "، فجعل له اليمين ولم يجعل له الملازمة، فمن قال: له ملازمته.. فقد خالف ظاهر الخبر.
فإن حلف له المدعى عليه، ثم حضرت بينة المدعي بالحق الذي حلف عليه