وإن قلنا: إنه يصح من غير المكاتب، فإن كان ذلك بغير إذن السيد.. لم يصح؛ لأن عوضها متأخر، ولأن المقصود بالهبة الوصلة والمحبة دون الثواب، فيصير كالهبة بغير ثواب. فإن كان ذلك بإذن السيد.. كان على الطريقين في الهبة بغير ثواب.
[فرع شراء المكاتب من يعتق عليه]
) : وليس للمكاتب أن يشتري من يعتق عليه ـ كوالده أو ولده ـ بغير إذن سيده.
وقال أبو حنيفة وأحمد:(يجوز له شراؤهما ولا يجوز له بيعهما) .
وقال فيمن عداهما ممن يعتق عليه برحم:(يجوز له بيعهم) .
دليلنا: أنه تصرف بما يؤدي إلى إتلاف ماله، فلم يصح منه بغير إذن سيده، كالهبة.
وإن اشترى ذلك بإذن سيده، فإن قلنا: لو وهب لغيره بإذن سيده، صح قولًا واحدًا.. صح هاهنا أيضًا قولًا واحدًا.
وإن قلنا: في الهبة قولان.. فاختلف أصحابنا في هذا:
فمنهم من قال: فيه قولان كالهبة.
وقال أبو إسحاق: يصح قولًا واحدًا؛ لأن الهبة لا منفعة للمكاتب فيها، وهاهنا يحصل له به جمال، ويحصل كسب العبد له وأرش الجناية عليه له.
فإذا قلنا: يصح الشراء.. لم يكن له بيعه، وكان موقوفًا على كتابته، وينفق عليه بحكم الملك دون النسب.
وإن وصى له بوالده أو ولده، فإن كان غير مكتسب.. لم يجز له قبول الوصية فيه بغير إذن سيده؛ لأنه يستضر بوجوب نفقته عليه.
وإن كان مكتسبًا يمكن الإنفاق عليه من كسبه.. جاز له قبول الوصية؛ لأنه يحصل له بذلك جمال ومنفعة من غير ضرر.