) : وإن كانت المنكوحة أمة فقتلت نفسها، أو قتل السيد قبل الدخول.. قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (سقط جميع المهر) . وقال في الحرة إذا قتلت نفسها، أو قتلها وليها قبل الدخول:(إنه لا يسقط شيء من المهر) . واختلف أصحابنا فيهما:
فذهب أبو العباس، وبعض أصحابنا إلى: أن فيهما قولين:
أحدهما: يسقط مهرها؛ لأن النكاح انفسخ بسبب من جهتها، فهو كما لو ارتدت.
والثاني: لا يسقط، وهو الأصح؛ لأنها فرقة حصلت بانقضاء أجلها، فهو كما لو ماتت.
وذهب أبو إسحاق، وبعض أصحابنا إلى: أنهما على ظاهرهما، ففي الأمة يسقط، وفي الحرة لا يسقط؛ لأن الحرة مسلمة لنفسها بالعقد، ولهذا: لا يجوز لها السفر بغير إذن الزوج، والأمة غير مسلمة لنفسها، ولهذا: يجوز لسيدها السفر بها بغير إذن زوجها؛ لأن زوج الحرة يغنم ميراثها فجاز أن يغرم مهرها، وزوج الأمة لا يغنم ميراثها فلم يغرم مهرها.
فإذا قلنا: يسقط المهر بذلك.. فإن الحرة لا يسقط مهرها إلا إذا قتلت نفسها قبل الدخول، وإن قتلها وليها أو زوجها أو أجنبي.. لم يسقط مهرها.
وأما الأمة: فإن قتلت نفسها قبل الدخول.. سقط مهرها؛ لأنها هي الزوجة، وإن قتلها سيدها.. سقط مهرها؛ لأن المهر له. وإن قتل الأمة زوجها أو الأجنبي قبل الدخول.. لم يسقط مهرها.
وقال أبو سعيد الإصطخري: يسقط مهرها إذا قتلها أجنبي؛ لأنها كالسلعة المبيعة، والسلع المبيعة إذا أتلفها أجنبي قبل القبض.. انفسخ البيع وسقط الثمن.
والمذهب الأول؛ لأنها إنما تكون كالسلعة إذا بيعت، فأما في النكاح: فهي كالحرة.