و [الرابع] : حكاه في " المهذب ": أنه لا يملكه بالأكل، بل يأكله وهو على ملك صاحبه.
فإذا قلنا: إن المقدم إليه ملكه بأخذه باليد، أو بتركه في الفم.. فهل له أن يبيحه لغيره، أو يتصرف فيه بغير ذلك؟ فيه وجهان:
[أحدهما] : قال عامَّة أصحابنا: لا يجوز له ذلك، لأنه أباح له انتفاعًا صحيحًا مخصوصًا، فلا يجوز له أن ينتفع به لغيره، كما لو أعاره ثوبًا.. لم يكن له أن يعيره غيره.
و [الثاني] : قال الشيخ أبو حامد، والقاضي أبو الطيب: له أن يفعل به ما شاء من وجوه التصرفات، مثل: البيع، والهبة لغيره؛ لأنه يملكه، فهو كما لو وهبه شيئًا وأقبضه إيّاه.
قال ابن الصبّاغ: وهذا الذي قالاه لا يجيءُ على أصولهما؛ لأن من شرط الهبة عندهما القبول والإيجاب والإذن بالقبض، إلاَّ أن يتضمَّنها العتق لقوَّته، ولم يوجد ذلك هاهنا. ولأن الإذن بالتناول إنَّما تضمَّن إباحة الأكل، فلا يصح أن يحصل به الملك، ولو كان ذلك صحيحًا.. لجاز له تناول جميع الذي قدم إليه، وينصرف به إلى بيته. وكذلك: إذا قلنا: بتركه في فيه.. فإنه لم يحصل الأكل المأذون فيه، وإنَّما يملكه بالبلع.
وقال: وعندي: أنَّ بالبلع يبطل معنى الملك فيه، ويصير كالتالف.
قال: والأوجه في ذلك: أن يكون إذنًا في الإتلاف لا تمليك فيه.
[مسألةٌ: ما يصح قرضه]
] : ويصح القرض في كل عين يصح بيعها، وتضبط صفتها، كما قلنا في السلم. وأمّا ما لا يضبط بالصفة، كالجواهر وما عملت فيه النار.. فهل يصح قرضها؟ فيه وجهان، بناءً على الوجهين فيما يجب ردُّه بالقرض فيما لا مثل له: