عنه، وإن كان لم يأذن لغيره في ذلك.. لم يجز أن يرمي عنه. ولا يبطل إذنه بالرمي بالإغماء، كما تبطل الوكالة بالبيع والشراء؛ لأن هذا متعلق بالنسك، وذلك لا يبطل بالإغماء. ألا ترى أن المعضوب إذا أذن في الحج، ثم مات.. لم يبطل إذنه بالموت، ولو أذن له في بيع أو شراء، ثم مات.. بطل إذنه في ذلك.
فإن برئ من المرض، أو أطلق من الحبس، أو أفاق من الإغماء، فإن كان لم يرم عنه النائب.. وجب عليه أن يرمي بنفسه؛ لأن المانع قد زال. وإن كان قد رمى عنه.. فالمستحب له: أن يعيد الرمي إن كان وقت الرمي باقيا، ولا يجب عليه ذلك؛ لأن الرمي الفرض قد سقط عنه.
هذا نقل البغداديين من أصحابنا، وحكى المسعودي [في " الإبانة " ق \ ٢١٠] في وجوب إعادة الرمي قولين.
[مسألة المبيت بمنى]
ويبيت بمنى ليالي الرمي؛ لـ:(أن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ بات بها) فإن ترك المبيت بها.. فهل يجب عليه بذلك الدم؟ فيه قولان:
أحدهما: يجب عليه؛ لقوله ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ:«من ترك نسكا.. فعليه دم» .
والثاني: لا يجب عليه الدم، كما لا يجب الدم بترك المبيت بمنى ليلة عرفة.
فإذا قلنا: يجب المبيت، فإن ترك المبيت في الليالي الثلاث.. وجب عليه دم.
وإن ترك المبيت ليلة أو ليلتين.. ففيه ثلاثة أقوال، كما لو حلق شعرة أو شعرتين.
فإن قيل: لم أوجبتم الدم بترك المبيت ليلة الثالث، وهي مما يجوز له تركها؟