برسامه؛ لأن المرتد لا يقتل إلا بالردة والمقام عليها باختياره، والمجنون والمبرسم لا يعلم إقامته على الردة باختياره، فلم يقتل.
[مسألة: قبول إسلام المرتد ولا يهدر دمه]
] : إذا أسلم المرتد صح.. إسلامه ولم يقتل، سواء كانت ردته إلى كفر يتظاهر به أهله كاليهودية والنصرانية وعبادة الأصنام، أو إلى كفر يستتر به أهله، كالزندقة و (الزنديق) : هو الذي يظهر الإسلام، ويبطن الكفر، فمتى قامت بينة: أنه تكلم بما يكفر به.. فإنه يستتاب، فإن تاب، وإلا.. قتل، فإن استتيب، فتاب.. قبلت توبته.
وقال بعض الناس: إذا أسلم المرتد.. لم يحقن دمه بحال، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من بدَّل دينه.. فاقتلوه» ، وهذا قد بدَّل.
وقال مالك، وأحمد، وإسحاق:(لا تقبل توبة الزنديق، ولا يحقن دمه بذلك) ، وهي إحدَى الروايتين عن أبي حَنِيفَة، والرواية الأخرى عنه كمذهبنا. ودليلنا: قَوْله تَعَالَى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ}[التوبة: ٧٤] إلى قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ}[التوبة: ٧٤] الآية [التوبة: ٧٤] . فأثبت الله لهم التوبة بعد الكفر وبعد الإسلام.
ورُوِي: أن النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها.. عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحقها» وهذا قد قالها.
ورَوَى عبيد الله بن عدي بن الخيار: «أن رجلا سارَّ النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم نَدرِ ما سارَّه به، حتى جهر النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بصوته، فإذا هو قد استأذنه في قتل منافق، فقال النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أليس هو يشهد أن لا إله إلا الله؟ " قال: بلى، ولا شهادة له، قال:" أليس يشهد أنِّي رسول الله؟ " قال: بلى، ولا شهادة له] فقال:" أليس يصَلَّي؟ "