أحدهما - وهو قول الشيخ أبو حامد -: أنها تعتد بالشهور؛ للآية.
والثاني: لا تعتد بالشهور، بل تكون كمن تباعد حيضها من ذوات الأقراء؛ لأنه لا يجوز أن تكون من ذوات الأحمال ولا تكون من ذوات الأقراء.
[فرع رؤية الصغيرة الدم]
إذا شرعت الصغيرة بالاعتداد بالشهور، فرأت الدم قبل انقضاء الشهور ولو بلحظة.. انتقلت إلى الاعتداد بالأقراء؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق: ٤][الطلاق: ٤] وهذه قد حاضت.
قال أصحابنا: وهذا إجماع لا خلاف فيه.
وهل تعتد بما مضى قرءا؟ فيه وجهان:
أحدهما - وهو قول أبي سعيد الإصطخري، وهو ظاهر النص -: أنها لا تعتد به قرءا؛ لأنها لا تسمى من ذوات الأقراء إلا إذا رأت الدم، وقبل ذلك لا تسمى بهذا الاسم، ولأنها لو كانت تعتد بالأقراء، فأيست من الحيض.. استأنفت الشهور، فوجب أن تستأنف الأقراء هاهنا.
والثاني - وهو قول أبي العباس -: أنها تعتد به قرءا؛ لأنه طهر تعقبه دم حيض، فاعتد به قرءا، كما لو كان بين حيضتين.
وإن اعتدت الصغيرة بالشهور، ثم رأت الدم بعد انقضاء الشهور.. لم يلزمها الاعتداد بالأقراء؛ لأنا قد حكمنا بانقضاء عدتها وإباحتها للزواج، فلم ينتقض ذلك برؤية الدم، كما لو اعتدت بالأقراء، ثم أيست.. فإنها لا تنتقل إلى الاعتداد بالشهور.
وإن شرعت بالاعتداد بالأقراء، فظهر بها حمل، أو انقضت عدتها بالأقراء، ثم ظهر بها حمل من الزوج.. كانت عدتها بوضع الحمل؛ لأن وضع الحمل دليل على براءة الرحم قطعا، والحيض دليل على براءة الرحم في الظاهر، فوجب تقديم ما يقطع بدلالته، كما يقدم نص الكتاب والإجماع على القياس.