لأنه مال مأخوذ بغير حق، فلم يملكوه، كالمأخوذ بالقهر.
هذا نقل أصحابنا البغداديين. وقال المسعودي [في " الإبانة "] : لا يجوز أن يشترط الإمام للكفار مالا على المسلمين بحال، وكذلك: إذا كان في أيدي الكفار مال للمسلمين.. فلا يجوز للإمام أن يعاقدهم على أن يترك ذلك المال لهم. ولو كان في أيديهم أسير.. فلا يجوز أن يعاقدهم على أن يردوا ذلك الأسير إليهم. وإن انفلت منهم.. لم يجز معاقدتهم على أن يرد ذلك الأسير إليهم.
[مسألة: لا ترد المسلمات لأجل الهدنة]
ولا يجوز عقد الهدنة على رد من جاء من المسلمات منهم إلينا؛ لما رُوِيَ:«أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عقد الصلح في الحديبية، ثم جاءته بعد ذلك أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مسلمة، فجاء أخواها يطلبانها، فأراد النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يردها عليهما، فمنعه الله من ردها بقوله تَعالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ}[الممتحنة: ١٠] الآية [الممتحنة: ١٠] فقال النَّبيّ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن الله تَعالَى قد منع من الصلح في النساء» ولم يردها عليهم، ولأنه لا يؤمن أن تزوج بمشرك، أو تفتن عن دينها لنقصان عقلها.
واختلف أصحابنا على أي وجه عقد النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الهدنة: فقال أبُو إسحاق: يحتمل معاني:
أحدها: أنه كان عقدها بشرط أن يرد عليهم من جاءه من المسلمات، وكان ذلك الشرط صحيحا حال العقد، إلا أن الله تَعالَى نسخه ومنع من ردهن بالآية.
والثاني: أنه كان شرط ردهن في العقد، ولكن كان ذلك الشرط فاسدا، وهل كان النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علم فساده؟ فيه وجهان: