وإن انهزموا منهم لغير هذين المعنيين، فإن كان العدو أكثر من مثليهم، جاز لهم أن يصلوا صلاة شدة الخوف؛ لأنه فرار جائز، وإن كانوا مثلهم أو مثليهم لم يجز لهم أن يصلوا صلاة شدة الخوف؛ لأنهم عاصون بالهزيمة منهم.
[مسألة صلاة الخوف عند طلب العدو]
] : قال الشافعي: (وليس لأحد أن يصلي صلاة شدة الخوف في طلب العدو) .
قال أصحابنا: طلب العدو على ضربين.
أحدهما: أن يدخل المسلمون بلاد العدو، ويبلغوا منها موضعًا لا يتلقاهم العدو هناك، ولا يخالفون منهم، أو يكون المشركون قد انهزموا من المسلمين هزيمة يتحقق أنهم لا يرجعون ولا يجتمعون عن قرب، فإن كان هكذا لم يجز أن يصلوا صلاة الخوف؛ لأنهم غير خائفين.
الثاني: أن يدخل المسلمون بلاد العدو، ويبلغوا منها موضعًا لا يأمنون وقوع العدو عليهم، ويخافون نكايتهم، أو يكونون قد هزموهم هزيمة قد يمكنهم الرجوع، والاجتماع عليهم عن قرب، ولا يؤمن ذلك منهم، فيجوز لهم أن يصلوا صلاة الخوف؛ لأن الخوف هاهنا موجود.
[مسألة كيفية صلاة الخوف]
] : وأما كيفية صلاة الخوف: فقد روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أنه صلى صلاة الخوف في مواضع كثيرة، وبعضها يخالف بعضًا فعلًا) ، واختار الشافعي منها صلاته في ثلاثة مواضع: في بطن نخل، وفي ذات الرقاع، وبعسفان، وكل صلاة تخالف الأخرى فعلًا؛ لاختلاف الحال فيها.