آدميٍّ، فافتقر إلى الإيجاب والقبول، كالبيع والهبة، وفيه احترازٌ من العتق.
وينعقد بلفظ القرض والسلف؛ لأنه قد ثبت له عرف الاستعمال. وسمي القرض: قرضًا؛ لأنه قطع له من ماله قطعة، ومن قطع منه شيئًا.. فقد قرضه. وينعقد بما يؤدي معنى ذلك، فإن قال: ملَّكتك هذا، على أن ترد عليَّ بدلَه.. كان قرضًا، وإن قال: ملَّكتك هذا، ولم يذكر البدل.. فهو هبة.
وإن اختلفا فيه.. فالقول قول الموهوب له؛ لأن الظاهر معه.
قال الشيخ أبو إسحاق: فإن قال: أقرضتك ألفا، وقبل، وتفرقا، ثم دفع إليه إلفا، فإن لم يطل الفصل.. جاز؛ لأن الظاهر أنه قصد الإيجاب. وإن طال الفصل.. لم يجز حتى يعيد لفظ القرض؛ لأنه لا يمكنه البناء على العقد مع طول الفصل.
[مسألة: الخيار في القرض وفسخه]
] : ولا يثبت في القرض خيار المجلس، ولا خيار الشرط؛ لأن الخيار يراد للفسخ، وكل واحد منهم يملك أن يفسخ القرض متى شاء، فلا معنى لإثبات الخيار.
ولو أقرضه شيئًا إلى أجل.. لم يلزم الأجل، وكان حالاًّ. وهكذا: لو كان له عنده ثمن حالٌّ فأجَّله، أو كان مؤجَّلاً فزاد في أجله.. لم يلزم ذلك.
وقال مالك - رحمة الله عليه -: (يدخل الأجل في ابتداء القرض، بأن يقرضه إلى أجل، ويدخل في انتهائه، بأن يقرضه حالاًّ، ثم يؤجِّله له، فيتأجَّلَ) .
ووافقنا أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (أن الأجل لا يدخل في القرض، وأمّا الثمن الحالُّ: فيتأجل بالتأجيل) .
دليلنا على مالك: أن الأجل يقتضي جزءًا من العوَض، والقرض لا يحتمل الزيادة والنقصان في عوضه، فلم يجز شرط الأجل فيه.
وأمّا الدليل على أبي حنيفة: فقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كل شرط ليس في كتاب الله.. فهو باطل» ، وتأجيل الحق الحالِّ ليس في كتاب الله تعالى، فكان باطلاً، ولأنه حقٌّ مستقرٌّ فلم يتأجَّل بالتأجيل، كالقرض.