يرجع بجميع الثمن الذي دفع ولا يسلم هذا النصف الذي فسخ فيه البيع إلى الذي اختار الإمساك. والفرق بينهما وبين التي قبلها: أن البائع هناك واحد، وكل واحد من المدعيين قد أقام البينة أنه اشترى منه، وإنما لم يمسك جميعه لمزاحمة غيره له، فإذا سقطت المزاحمة.. كان له إمساك، وهاهنا البائع اثنان، والمشتري اثنان، وكل واحد منهما يدعي أنه ابتاع من واحد، فإذا فسخ أحدهما البيع مع بائعه.. لم يكن للآخر أن يأخذه؛ لأنه لا يأخذه من غير بائعه. وأما إذا ادعى كل واحد من المشتريين: أنه قبض الدار وقامت عليه البينة بذلك.. فالحكم فيه ما ذكرناه إذا لم يقبض الدار إلا في شيء واحد، وهو: أنه لا يرجع على الذي باعه بالثمن الذي دفعه إليه ولا ببعضه؛ لأنه إذا لم يقبض المبيع.. فقد تعذر عليه قبض المبيع، فصار ضمان عهدته على بائعه، فيرجع عليه بالثمن الذي دفعه إليه. فإذا قبض المبيع.. فقد استقر عليه الثمن وإنما غصب منه الدار بعد ذلك، فلا يلزم البائع ضمان عهدته.
[مسألة في يد رجل دار فادعى أحد الخصمين أنه باعها منه بمائة وادعى الآخر مثله]
وإن كان في يد رجل دار، فادعى زيد أنه باعها منه بمائة وأقام على ذلك بينة، وادعى عمرو أنه باعها منه بمائة وأقام على ذلك بينة.. نظرت:
فإن كانت البينتان مؤرختين تأريخا واحدا.. فهما متعارضتان؛ لأنه يستحيل أن يكون جميع الدار ملكا لاثنين في وقت واحد. فإن قلنا: إنهما يسقطان.. رجع إلى المدعى عليه، فإن أنكرهما من الشراء.. حلف لكل واحد منهما يمينا، وإن أقر أنه ابتاع جميع الدار من كل واحد منهما.. لزمه الثمنان؛ لأنه يجوز أن يبتاعه من أحدهما، ثم يخرج من ملكه إلى ملك الآخر ثم يبتاعه منه. وإن أقر أنه ابتاعه من أحدهما.. لزمه الثمن له وحلف للآخر قولا واحدا؛ لأنه لو أقر أنه ابتاعه منه.. لزمه الثمن له. وإن قال: ابتعته منكما.. فقد أقر لكل واحد منهما بنصف الثمن الذي ادعى أنه باعه منه، ويلزمه أن يحلف لكل واحد منهما على النصف الآخر قولا واحدا.
وإن قلنا: إنهما يستعملان.. فلا يجيء هاهنا الوقف؛ لأن العقود لا توقف،