وقال أبو يوسف ومحمد: يحنث. وحكاه الشيخ أبو إسحاق عن أبي العباس؛ لأن الحنطة تؤكل هكذا، فهو كما لو حلف لا يأكل هذا الكبش، فذبحه فأكله، أو كما لو حلف لا يأكل هذا اللحم فشواه وأكله. ودليلنا: أن اسم الحنطة زال بالطحن.. فزال تعلق اليمين بها، كما لو حلف: لا أكلت من هذه الحنطة، فزرعها وأكل من حشيشها.
وكذلك إذا حلف: لا أكلت هذه البيضة، فصارت فرخا فأكله، ويخالف الكبش؛ فإنه لا يمكن أكله حيا، ولا يشبه اللحم أيضا؛ لأن اسم اللحم وصورته لم تزل.
وإن حلف: لا أكلت هذا الدقيق، فعجنه وخبزه وأكله، أو لا أكلت هذا العجين فخبزه وأكله.. لم يحنث..
وقال أبو حنيفة وأحمد وأبو العباس: يحنث.
والأول أصح؛ لما ذكرناه في التي قبلها.
[فرع: حلف لا يكلم الصبي فكبر]
وإن قال: والله لا كلمت هذا الصبي، فصار شابا، فكلمه، أو لا أكلم هذا الشاب، فصار شيخا، فكلمه، أو لا آكل من لحم هذا الجدي، فصار تيسا، وأكل من لحمه، أو لا آكل من هذه البسرة فصارت رطبة فأكلها، أو لا آكل هذه الرطبة فصارت تمرة فأكلها.. فهل يحنث في جميع ذلك؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يحنث؛ لأن الاسم قد زال، فأشبه إذا قال: لا أكلت هذه الحنطة، فطحنها وأكلها.
والثاني: يحنث؛ لأن صورتها لم تزل، وإنما تغيرت الصفة، فأشبه إذا حلف: لا يأكل اللحم، فشواه وأكله. هذا مذهبنا.