أحدهما: أن العدتين لا تتداخلان، وهو المنصوص، كما لو طلقها، ثم وطئت بشبهة.
والثاني: تتداخلان، فتجب عليها عدة واحدة؛ لأن عدة وطء الشبهة ضعيفة، فدخلت في عدة الطلاق بعدها.
[مسألة تزوجها في عدة غيرها ووطئها جاهلا]
] : وإذا تزوج الرجل امرأة في عدة غيره، ووطئها جاهلا بالتحريم.. فقد قلنا: يفرق بينهما، وتتم عدتها من الأول، وتعتد عن الثاني، وهل يحل للثاني نكاحها؟ فيه قولان:
[الأول] : قال في القديم: (لا يحل له أبدا) . وبه قال عمر، ومالك؛ لأنه تعجل حقه قبل وقته، فمنعه في وقته، كالوارث إذا قتل مورثه.
قال الشيخ أبو حامد: فعلى هذا: كل وطء بشبهة أفسد الفراش، فإن الموطوءة تحرم على الواطئ على التأبيد، مثل: أن يطأ الرجل زوجة غيره، أو أمة يستفرشها بشبهة، فأما وطء الشبهة الذي لا يفسد الفراش، مثل: أن يطأ امرأة معتدة عنه بشبهة، أو وطئ امرأة بشبهة لا زوج لها، ولا سيد يستفرشها، أو وطئ امرأة بنكاح فاسد، وليست في عدة من غيره.. فإنها لا تحرم على الواطئ على التأبيد.
و [الثاني] : قال في الجديد: (لا تحرم عليه) . وبه قال علي بن أبي طالب، وأبو حنيفة وأصحابه، وعامة أهل العلم؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}[النساء: ٢٣] إلى قوله: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}[النساء: ٢٤][النساء: ٢٣ - ٢٤] . وهذه ليست من الأعيان المحرمة. ولأنه وطء بشبهة، فلم يحرم على التأبيد، كما لو نكح امرأة بلا ولي ولا شهود ووطئها. وهذا القول أصح؛ لأن ابن عبد الحكم روى: أن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال:(اختلف عمر وعلي في ثلاث مسائل - القياس فيها مع علي، وبقوله آخذ - إحداهن: هذه.
الثانية: امرأة المفقود إذا غاب عنها زوجها، وانقطع عنها خبره) .