[فرع: ما وجد مباحًا أو لقطة في دار الحرب فهو كالمباح في دار الإسلام]
وكل ما كان مباحًا في دار الإسلام، كالصيد الذي لا علامة عليه في البرية، والأشجار في الموات، والأحجار في الجبال؛ فإن وجد شيء من ذلك في دار الحرب.. فهو لمن أخذه، كما قلنا فيمن وجد ذلك في دار الإسلام.
وإن كان على ذلك أثر يد؛ مثل الصيد المقرط أو الموسوم، أو الشجر في الموات المحوط عليه، والتراب المحوط، والأحجار في البناء.. فهو غنيمة؛ لأن الظاهر من هذه العلامات ثبوت اليد عليها، فكانت غنيمة.
قال الشافعي، - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (فإن وجد في دار الحرب ما يمكن أن يكون ملكًا للمشركين، ويمكن أن يكون سقط من المسلمين.. أحببت لمن وجده أن يعرفه اليوم واليومين، فإن لم يظهر مالكه.. فهو غنيمة) . هكذا ذكر الشيخ أبُو حامد.
وذكر الشيخ أبُو إسحاق: أنه يعرفه سنة.
[فرع: موات دار الحرب وفتحت مكة عندنا صلحًا لا عنوة]
وإن فتحت أرض عنوة وأصيب فيها موات، فإن لم يمنع الكفار منها.. فهي لمن أحياها، وإن منعوا منها.. ففيها وجهان مَضَى ذكرهما في إحياء الموات.
وإن فتحت صلحًا على أن تكون الأرض لهم.. لم يجز للمسلمين أن يملكوا فيها مواتًا بالإحياء؛ لأن الدار للكفار، فلا يملك المسلمون إحياءها.
إذا ثبت هذا: فإن مكة دخلها رسول الله، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يوم الفتح صلحًا عندنا لا عنوة، ولسنا نريد بذلك أنه عقد الصلح مع جميع أهل مكة، وإنما عقد الصلح مع أبي سفيان وحده، وعقد لهم الأمان بشرط، ثم وجد الشرط فلزمه الأمان، ولم يكن للنَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، سبي أموالهم وذراريهم، ولا قتل من وجد فيه منهم شرط الأمان إلا من استثناه. وبه قال مجاهد.