للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالك والأَوزَاعِي وأبو حَنِيفَة: (دخلها رسول، الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، عنوة، وكان له أن يقتل ويسبي ويغنم، ولكنه عفا عنهم) .

دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ} [الرعد: ٣١] [الرعد: ٣١] الآية. فأخبر أن مشركي قريش لا يزال تصيبهم القوارع من سرايا رسول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إلى أن يحل رسول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قريبًا بقرب ديارهم وتنقطع عنهم القوارع، وهذا لا يكون إلا على قولنا. ولقوله تَعالَى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} [الفتح: ٢٠] إلى قوله: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا} [الفتح: ٢١] [الفتح: ٢٠-٢١] والتي عجل لهم: هي غنائم حنين والتي لم يقدروا عليها: قال بعض أهل التفسير: هي غنائم مكة؛ لأنها فتحت صلحًا لا عنوة.

ولما رُوِيَ: أن النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما سار إلى مكة.. نزل بمر الظهران. قال العباس: فقلت في نفسي: إن دخل رسول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مكة قبل أن يخرجوا إليه فيستأمنوه.. إنه لهلاك قريش، فركبت بغلة رسول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لعلي أجد ذا حاجة أخبره بذلك، فيخبر أهل مكة ليخرجوا إليه فيستأمنوه، فبينا أنا سائر إذا أنا بأبي سفيان بن حرب وبديل بن ورقاء، فقلت: أبا حنظلة، فقال أبا الفضل؟ ! قلت نعم. قال: بأبي أنت وأمي، ما لك؟ فقلت: رسول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والناس، فقال: ما ترى؟ قلت: اركب خلفي، فركب خلفي، ورجع بديل بن ورقاء، فأتيت به النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأمنه، وقال لي: خذه إلى الغد، فلما أن كان من الغد.. جئت به النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلقيني عمر، فقال: الحمد لله الذي أمكن من هذا المنافق بغير إيمان ولا أمان، فقلت له: إن رسول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قد أمنه، ثم دخلت على رسول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقلت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل يحب الفخر، فاجعل له شيئًا، فقال رسول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من دخل دار أبي سفيان.. فهو آمن" قال: "وما تغني داري؟ فقال: "ومن دخل المسجد فهو آمن فقال: وما يغني المسجد؟ فقال: "ومن أغلق عليه بابه.. فهو آمن، ومن ألقى

<<  <  ج: ص:  >  >>