يأخذوا مالا] .. ينفيهم، وإذا هربوا.. يطلبهم حتى يؤخذوا فتقام عليهم الحدود) . ولا يقول مثل هذا إلا توقيفا، وإن قاله تفسيرا للآية.. فهو ترجمان القرآن وأعرف بالتأويل. ولأن العقوبات تختلف باختلاف الأجرام؛ ولهذا اختلف حد الزِّنَى في البكر والثيب، واختلف حد الزِّنَى والقذف والشرب. ولأن الله تَعالَى بدأ في الآية بالأغلظ فالأغلظ، وهذا يدل على أنها على الترتيب، كما أنه بدأ بالأغلظ فالأغلظ في كفارة الظهار لما كانت على الترتيب، ولما كانت كفارة اليمين على التخيير.. بدأ بالأخف فالأخف.
[مسألة: الأمكنة التي تعتبر فيها جناية قطاع الطريق وشروط تعلق الأحكام بهم]
] : وحكم قطاع الطريق إذا أخذوا المال وقتلوا، أو أخذوا المال ولم يقتلوا، أو قتلوا ولم يأخذوا المال من المصر أو البلد.. حكمهم إذا فعلوا ذلك في الصحراء. وبه قال الأَوزَاعِي، والليث، وأبو ثور، وأبو يوسف.
وقال مالك:(قطاع الطريق الذين تتعلق بهم هذه الأحكام هو: أن يفعلوا ذلك على ثلاثة أميال من المصر فصاعدا، فإن فعلوا ذلك على أقل من ثلاثة أميال أو كانوا في المصر.. لم تتعلق بهم هذه الأحكام) .
وقال أبُو حَنِيفَة:(لا تتعلق بهم هذه الأحكام إلا إذا كانوا في البرية، فأما إذا كانوا في مصر أو قرية، أو بين قريتين متقاربتين.. فلا تتعلق بهم هذه الأحكام) .
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المائدة: ٣٣] الآية [المائدة: ٣٣] . ولم يفرق بين أن يكون ذلك في الصحراء أو في المصر. ولأنه إذا وجبت عليهم هذه الحدود إذا فعلوا ذلك في الصحراء وهو موضع الخوف.. فلأن يجب عليهم ذلك إذا فعلوا ذلك في المصر وهو موضع الأمن أولى.
إذا ثبت هذا: فإنما تتعلق بهم هذه الأحكام في المصر إذا كان قوم عددهم يسير في قرية، فاجتمع قوم من قطاع الطريق وأشهروا السلاح عليهم وغلبوا أهل القرية ولم