وإن كان من أولاد أهل الذمة.. قيل له: إقرارك في دار الإسلام بغير جزية لا يجوز، فإن اخترت أن ترجع إلى دار الحرب وتكون حربا لنا.. فارجع، وإن اخترت عقد الذمة ببذل الجزية.. أقررناك. فإن اختار عقد الذمة ببذل الجزية.. نظرت: فإن كان الذي أعتقه مسلما.. كانت جزيته ما يقع عليها التراضي، وإن كان الذي أعتقه ذميا.. فهل يفتقر إلى عقد الذمة بما يقع عليه التراضي من الجزية، أو لا يفتقر إلى عقد الذمة بل تلزمه الجزية لمولاه؟ فيه وجهان، حكاهما الشيخ أبُو إسحاق، ووجههما ما ذكرناه في الصبي إذا بلغ.
[فرع: إجراء الجزية على الشيوخ وأصحاب الصوامع والفقير غير المعتمل]
وهل تؤخذ الجزية من الشيوخ الذين لا قتال فيهم، ومن الزمنى، وأصحاب الصوامع المشتغلين بالعبادة؟
من أصحابنا من قال: فيه قولان، بناء على القولين في جواز قتلهم إذا أسروا.
ومنهم من قال: لا يقرون بغير جزية قولا واحدا. والفرق بين القتل والجزية: أن القتل يجري مجرى القتال، فإذا لم يكن فيه قتال.. لم يقتل. والجزية أجرة المسكن، فلم تسقط عنهم.
وهل تجب الجزية على الفقير الذي ليس بمعتمل؟ فيه قولان:
أحدهما: لا تجب عليه الجزية - وبه قال أبُو حَنِيفَة ـ لأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جعل أهل الجزية طبقات، وجعل أدناهم الفقير المعتمل، فدلَّ على أنه لا جزية على غير المعتمل، ولأنه حق يجب بالحول، فلم يجب على الفقير، كالزكاة.
فعلى هذا: إن طلب من الإمام أن يعقد له الذمة.. عقدت له الذمة على شرط جريان أحكام الإسلام عليه، فإذا أيسر.. استؤنف له الحول، فإذا تم.. طولب بالجزية.
والقول الثاني: تجب عليه الجزية؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[التوبة: ٢٩][التوبة: ٢٩] فأمر بقتال أهل الكتاب إلى أن يعطوا الجزية، ومعناه: حتى