فإن أقام القاتل كفيلاً ليخلى.. لم يجز تخليته؛ لأن فيه تغريراً لحق المولى عليه، ولأن الكفالة لا تصح في القصاص، فإن فائدتها استيفاء الحق من الكفيل إن تعذر إحضار المكفول به، ولا يمكن استيفاؤه من غير القاتل، فلم تصح الكفالة به، كالحد.
وإن وجب القصاص في قتل من لا وارث له غير المسلمين.. كان القصاص إلى الإمام؛ لأنه نائب عنهم.
وإن كان هناك من يرث البعض، ويرث المسلمون الباقي.. كان استيفاء القصاص إلى الإمام وإلى الوارث.
[مسألة يستوفي القصاص أحد أصحاب الحق]
وإن قتل رجل رجلاً، وله أخوان أو ابنان من أهل استيفاء القصاص.. لم يكن لهما أن يستوفيا القصاص جميعاً؛ لأن في ذلك تعذيباً للقاتل، فإما أن يوكلا رجلا يستوفي لهما القصاص، وإما أن يوكل أحدهما الآخر في الاستيفاء.
فإن طلب كل واحد منهما أن يوكله الآخر.. أقرع بينهما؛ لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر، فإذا خرجت القرعة لأحدهما.. أمر الآخر أن يوكله، وإن بادر أحدهما وقتل القاتل بغير إذن أخيه.. نظرت:
فإن كان الذي لم يقتل لم يعف عن حقه من القصاص.. فهل يجب على القاتل منهما القود؟ فيه قولان:
أحدهما: يجب عليه القود؛ لأنه ممنوع من قتله، وقد يجب القتل بإتلاف بعض النفس، كما لو قتل جماعة واحداً.
والثاني: لا يجب عليه القود، وبه قال أبو حنيفة، وأحمد، وهو الأصح؛ لأن له في قتله حقاً، فلم يجب عليه القود، كما لو وطئ أحد الشريكين الجارية المشتركة.