قال الشافعي:(ولو كانت الدار في يد ثلاث أنفس، فادعى أحدهم النصف، والآخر الثلث، والآخر السدس وجحد بعضهم بعضا.. فهي لهم على ما في أيديهم، ثلثا ثلثا) .
فاعترض معترض على الشافعي، فقال: كيف يجعل لمدعي السدس الثلث وهو لا يدعي إلا السدس؟ فقال أصحابنا: أراد الشافعي بما ذكره: إذا كانت الدار بين ثلاثة، فادعى كل واحد منهم جميع الدار إلا أن أحدهم قال: نصفها ملكي والنصف الآخر وديعة في يدي لرجل غائب أو عارية، وقال الآخر: ثلثها ملكي وثلثاها وديعة عندي أو عارية، وقال الثالث: سدسها ملكي والباقي منها وديعة عندي أو عارية.. فإنه يجعل لكل واحد منهم هاهنا ثلث الدار، كما قال الشافعي؛ لأن يده ثابتة عليه.
والدليل على أنه أراد ذلك: أنه قال: (وجحد بعضهم بعضا) ، ولا يتصور التجاحد بينهم إلى على ما ذكرناه.
فأما إذا كانت في أيديهم وادعى أحدهم ملك نصفها لا غير، وادعى الثاني ملك ثلثها لا غير، وادعى الثالث ملك سدسها لا غير، وأقام كل واحد منهم بينة على ما ادعاه.. فإنه يحكم لمدعي الثلث بالثلث؛ لأن له فيه يدا وبينة، ويحكم لمدعي السدس بالسدس؛ لأن له فيه يدا وبينة، وأما مدعي النصف.. ففيه وجهان، حكاهما الشيخ أبو حامد:
أحدهما: أنه يحكم له بنصف الدار؛ لأن له يدا على الثلث وبينة، وله بينة على السدس في يد مدعي السدس، وليس لمدعي السدس عليه إلا يد ولا يدعيه، فيحكم به لمدعي النصف.
والثاني: أنه يحكم لمدعي النصف بالثلث الذي في يده، ويحكم له بنصف السدس مما في يد مدعي السدس، فبقي في يد مدعي السدس السدس ونصف السدس؛ لأن مدعي النصف إنما يدعي السدس الزائد على الثلث مما في يد مدعي