طلب الشهادة، والدين يمنع الاستشهاد، فلم يجز من غير إذن من له الدين.
هذا نقل أصحابنا البغداديين، وقال الخراسانيون: إن كان الدين مؤجلا، فإن كان لم يخلف وفاء.. فليس له أن يجاهد بغير إذن الغريم وجها واحدا. وإن خلف وفاء.. فهل له أن يغزو بغير إذن الغريم؟ فيه وجهان.
قالوا: وإن كان على أحد من المرتزقة دين مؤجل.. فهل له الخروج بغير إذن الغريم إن لم يخلف وفاء للدين؟ فيه وجهان:
أحدهما: ليس له، كغير المرتزقة.
والثاني: له ذلك؛ لأنه قد استحق عليه هذا الخروج بكتب اسمه في الديوان، ولعله لا يمكنه أداء الدين إلا بما يأخذه من الرزق أو بما يصيب من المغنم.
[مسألة: الجهاد بإذن الأبوين]
وإن كان لرجل أبوان مسلمان أو أحدهما.. لم يجز له أن يجاهد من غير إذن المسلم منهما؛ لما روى أبُو سعيد الخدري: «أن رجلا هاجر إلى النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من اليمن، فقال له النَّبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: " هجرت الشرك وبقي هجرة الجهاد "، ثم قال له:" ألك أحد باليمن؟ " فقال أبواي، فقال:" أذنا لك؟ " فقال لا، فقال:" مر إليهما فاستأذنهما، فإن أذنا لك.. فجاهد. وإن لم يأذنا لك.. فبرهما» .
ورُوِي: «أن رجلا أتى النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليبايعه على الجهاد فقال له النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " ألك أبوان؟ " قال: نعم، قال: " ارجع، ففيهما فجاهد» ورُوِي: «أن رجلا أتى