وهكذا: لو شهدت بينة المدعي: أنه ابتاعها من هذا المدعي فسلمها إليه.. فإنه يحكم بها للمدعي للابتياع؛ لأن بينة البائع قد أثبتت له الملك، وبينة المبتاع قد أثبتت له البيع والتسليم، فثبت أن اليد كانت للبائع في حال البيع. وهاتان المسألتان وفاق بيننا وبين أبي حنيفة، وأما إذا أقام المدعي للابتياع بينة، فشهدت أنه ابتاعها من زيد فحسب.. فإنه يحكم بها للمبتاع. وقال أبو حنيفة:(يحكم بها لزيد، ولا يحكم بها للمبتاع إلا أن شهدت البينة أن زيدا باع ما يملكه أو ما في يده؛ لأن البيع المطلق ليس بحجة) .
دليلنا: أنه قد ثبتت بالبينة الأولى إزالة يد من الدار بيده، وإثبات الملك لزيد، فإذا قامت البينة على زيد بالبيع.. فالظاهر أنه لا يبيع إلا ما ملكه فحكم بذلك، وصار بمنزلة أن يقيم رجل البينة أن هذه الدار له، وأقام آخر البينة أنه ابتاع الدار منه.. فإنه يحكم بها للمبتاع منه.
[فرع ادعى ملك الدار من سنتين وادعى آخر شراءها منه منذ سنتين]
قال في " الأم ": (وإن ادعى رجل: أن هذه الدار ملك له منذ سنتين وأقام على ذلك بينة، وادعى آخر: أنه ابتاعها منه منذ سنتين وأقام على ذلك بينة.. حكم بها للمبتاع؛ لأن بينته شهدت بأمر حادث ربما خفي على شاهدي الملك فقدمت، كما تقدم بينة الجرح على بينة التعديل) .
[فرع في يد رجل دار فادعاها آخر وأنه كان قد أجره إياها]
فرع:[في يد رجل دار فادعاها آخر وأنه كان قد أجره أو أودعه إياها أو غصبها منه] :
قال أبو العباس: إذا كان في يد رجل دار، فادعاها آخر وأقام بينة أنها له أجرها ممن هي في يده، أو أودعه إياها، أو غصبها منه، فأقام على ذلك بينة، وأقام من في يده الدار بينة أنها ملكه.. قدمت بينة الجارح؛ لأنها شهدت له بالملك واليد، وأثبتت أن يد صاحب الدار نائبة عنه في الإجارة أو الوديعة، وإذا شهدت بالغصب.. فقد شهدت بأمر خفي على بينة الملك فقدمت، كما تقدم بينة الجرح على بينة التعديل.