والثاني: يسقط من ديته النصف، ويجب النصف على الإمام والجلاد بينهما نصفين؛ لأن الجلد نوعان: مضمون وغير مضمون، فسقط النصف لأجل ما ليس بمضمون، ووجب النصف لأجل ما هو مضمون، فكان بين الضامنين نصفين.
[مسألة: آلة ضرب المحدود]
] : وبم يضرب المحدود في الخمر؟ فيه وجهان:
أحدهما - وهو قول أكثر أصحابنا - أنه يضرب بالنعال والأيدي وأطراف الثياب؛ لما روى عبد الرحمن بن أزهر: «أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتي بشارب فقال:"اضربوه" فضربوه بالنعال والأيدي وأطراف الثياب وحثوا عليه التراب» . وروى أنس:«أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتي بشارب، فأمر عشرين رجلا، فضربه كل واحد منهم ضربتين بالجريد والنعال» . ولأن حد الخمر لما كان أخف من غيره في العدد.. فوجب أن يكون أخف من غيره في الصفة.
والثاني - وهو قول أبي العباس وأبي إسحاق، واختيار الشيخ أبي حامد -: أنه يضرب بالسوط؛ لما رُوِيَ:(أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، جلد ابنه عبيد الله بالسوط لما شرب الطلاء) . و:(ضرب عليّ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، الوليد بن عقبة بالسوط) . ومن قال بهذا.. تأوَّل الخبرين الأولين: على أن المحدود كان مريضا أو نضو الخلق ضعيفا.
فإذا قلنا: يضرب بالسوط، فضرب به فمات.. لم يجب ضمانه.
وإذا قلنا: يضرب بالنعال والأيدي، فضرب بالسوط فمات.. فهل يضمن؟ فيه وجهان - حكاهما ابن الصبَّاغ مأخوذان من القولين إذا ضربه في شدة حر أو برد:
أحدهما: يضمن؛ لأنه فعل ما ليس له.
والثاني: لا يضمن؛ لأنه وقع موقع الحد. فإذا قلنا: يضمن.. فكم يضمن؟ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: يضمن جميع الدية؛ لأنه تعدى بجميع الضرب، فضمن جميع الدية، كما لو ضربه بما يجرح فمات.
والثاني: يضمن بقدر ما زاد ألم السوط على ألم النعال.