وإن كان لرجل زوج خف يساوي عشرة دراهم، وكل واحد منهما يساوي منفردا درهمين، فغصب رجل أحدهما، فأتلفه، أو تلف في يده.. فكم يضمن؟ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يلزمه إلا درهمان؛ لأنه لم يحصل في يد الغاصب إلا ما قيمته درهمان، فلا يلزمه أكثر منه.
والثاني ـ حكاه القاضي أبو الطيب ـ: لا يلزمه إلا خمسة دراهم؛ لأن الغصب إنما وجد منه في الذي أخذه، وكانت قيمته حين الغصب خمسة دراهم، فنقصت قيمته ثلاثة بإفراده عن صاحبه، وتلف وقيمته درهمان، فلزمه ذلك، فأما الذي لم يغصبه: فلا صنع له فيه.
والثالث ـ وهو قول أبي العباس، وعامة أصحابنا، وهو الصحيح ـ: أنه يلزمه ثمانية دراهم؛ لأن النقص دخل عليهما بتفريقه بينهما، فلزمه ضمان الجميع، كما لو قطع كم قميص لرجل.. فإنه يلزمه ما نقص من قيمة القميص بذلك، وما قال الأولان من أن الغصب لم يوجد إلا بأحد الخفين.. يبطل بمن قطع أصبع رجل، فشلت إلى جنبها أخرى، فإنه يلزمه ضمانهما وإن لم يوجد منه الفعل إلا بإحداهما، وبرجلين بينهما عبد نصفين، فأعتق أحدهما نصيبه منه، وهو موسر، وقيمة نصيب الشريك الذي لم يعتق قبل إعتاق شريكه مائة، وبعد إعتاقه تسعون ... فإنه يلزم المعتق مائة.
فإن قيل: أليس العبد لو كان إذا بيع جملة يساوي ثلاثمائة درهم، وإذا بيع كل نصف منه منفردا يساوي مائة، فأعتق أحدهما نصيبه، وهو موسر.. لزمه مائة، ولا يلزمه مائة وخمسون، فيكون النقصان الحادث بإفراد أحد النصفين عن الآخر غير مضمون عليه، فهلا كان في الخف مثله؟