والثاني: تثبت له الألف التي ادعاها بشهادتهما؛ لأنهما اتفقا عليها، وله أن يحلف مع الذي شهد بالألف الثانية؛ لأنه غير مكذب له؛ لأن من له حق يجوز أن يدعي بعضه ويترك بعضه؛ لعلمه أن من عليه الحق مقر له به، أو يجوز أنه لم يعلم أن هناك من يشهد له به.
وقال المسعودي [في " الإبانة "] : وإن ادعى على رجل ألفا فأنكره، وأقام شاهدين فشهد أحدهما: أنه أقر له بألف، وشهد آخر: أنه أقر له بألف ولكن قضى منها خمسمائة.. ففيه وجهان:
أحدهما: تثبت خمسمائة؛ لأن شهادتهما اتفقت عليها.
والثاني: لا تثبت؛ لأنهما لم يتفقا على ما يدعيه المدعي.
[مسألة شهدوا على رجل بالزنى في بيت واختلفوا في تحديد الزاوية]
] : إذا شهد أربعة على رجل أنه زنى بامرأة في بيت فشهد كل واحد منهم أنه زنى بها في زاوية غير الزاوية لتي شهد الآخر أنه زنى بها، أو شهد اثنان: أنه زنى بها في زاوية، وشهد الآخران: أنه زنى بها في زاوية أخرى.. فإنه لا يجب الحد على المشهود عليه، وهل يجب حد القذف على الشهود؟ على قولين، وقال أبو حنيفة:(القياس: أنه لا يجب الحد على المشهود عليه، ولكن يجب عليه الحد استحسانا) .
دليلنا: أن الشهادة لم تتم على فعل واحد، فلم يجب الحد على المشهود عليه، كما لو شهد اثنان: أنه زنى بها في الغداة، وشهد آخران: أنه زنى بها في العشي.
[فرع شهد اثنان أنه زنى بالبصرة وشهد آخران أنه زنى بالكوفة]
] : وإن شهد اثنان: أنه زنى بها في البصرة، وشهد آخران: أنه زنى بها في الكوفة.. لم يجب الحد على المشهود عليه، وهل يجب الحد على الشهود؟ على القولين.