وإن أودعه الدراهم في شيء مكشوف، فأخذ المودع منها درهما من غير أن يحصل منه تعد في الباقي.. فإنه يضمن الدراهم؛ لأنه تعدى بأخذه، فإن لم ينفقه، بل رده بعينه على الدراهم، فإن كان ذلك الدرهم متميزا عن باقي الدراهم.. لزمه ضمانه، ولا يلزمه ضمان الباقي؛ لأنه إنما تعدى به دون غيره، وإن كان غير متميز عن باقي الدراهم.. ففيه وجهان:
أحدهما ـ وهو المنصوص ـ:(أنه لا يضمن إلا ذلك الدرهم) ؛ لأنه لم يوجد منه فعل فيما عداه.
قال المسعودي [في " الإبانة " ق\٤٤٣] : فعلى هذا: يضمن عشر الدراهم.
والثاني ـ وهو قول الربيع ـ: أنه يضمن الجميع؛ لأنه خلط المضمون بغيره، ولم يتميز، فضمن الجميع.
وإن أنفق الدرهم، ورد بدله إلى الدراهم، فإن كان المردود متميزا عن الباقي.. لم يضمن باقي الدراهم؛ لأنه لم يتعد بها، وإن لم يتميز المخلوط عن باقي الدراهم.. ضمن جميع الدراهم، خلافا لمالك، وقد مضى.
ودليلنا: أنه خلط ماله بمال المودع، ولم يتميزا، فضمنه.
[مسألة: النفقة على البهيمة المودعة]
] : إذا أودعه بهيمة، أو غيرها من الحيوان.. ففيها ثلاث مسائل:
إحداهن: أن يأمره بعلفها وسقيها، فيجب على المودع أن يعلفها ويسقيها؛ لأن للبهيمة حرمتين: حرمة بنفسها، بدليل: أن من ملك بهيمة.. يجب عليه علفها وسقيها، وحرمة لمالكها، وقد اجتمعتا. فإذا علفها وسقاها.. رجع على المالك بما أنفق عليها؛ لأنه أخرجها بإذنه، فإن اختلفا في قدر النفقة، فإن ادعى المودع أنه أنفق أكثر من قدر النفقة بالمعروف.. لم يرجع بالزيادة؛ لأنه متطوع به. وإن ادعى المودع النفقة بالمعروف، وادعى المالك أنه أنفق دون ذلك.. فالقول قول المودع مع يمينه؛ لأنه أمين، فقبل قوله في ذلك مع يمينه. وإن اختلفا في قدر المدة التي أنفق فيها..