قال ابن الصباغ: وهذا لا خلاف فيه بين أصحابنا؛ لأن وطء الميتة قد تعذر:
فمن أصحابنا من قال: إنما تعذر؛ لأن وطأها لا يحصل به الحنث؛ لأنها خرجت بالموت من أن يتعلق بوطئها حق من حقوق الآدميين، ولهذا لا يجب به مهر.
ومنهم من قال: إنما تعذر؛ لأنها إذا دفنت.. فلا سبيل إلى وطئها بحال؛ لأنها تبلى وتتقطع أوصالها. وأما قبل الدفن.. فلم يبطل حكم الإيلاء؛ لأن اسم الوطء يقع عليه، ويجب به الغسل، فكذلك الكفارة.
وهذا يدل على أن الأصح لا يصير موليا منهن في الحال؛ لأنه لو كان موليا منهن.. لما بطل بموت واحدة منهن، كما لو أفرد كل واحدة منهن بيمين.
[فرع: قوله لزوجاته الأربع لا وطئت واحدة منكن وأراد كلهن أو صرح به]
] : وإن كان له أربع زوجات، فقال: والله لا وطئت واحدة منكن، وقال: أردتهن كلهن، صار موليا من كل واحدة منهن في الحال؛ لأن تقديره لا وطئتكن ولا واحدة منكن، ولا يمكنه وطء واحدة منهن إلا بضرر يلحقه، فكان موليا منهن في الحال.
إذا ثبت هذا: فإنه يتربص بهن أربعة أشهر، فأيتهن طالبته.. وقف لها، فإن طلقها.. فقد أوفاها حقها، ولم يسقط حق الباقيات. فإن طالبته الثانية فطلقها.. فقد أوفاها حقها، ولم يسقط حق الباقيتين. فإن طلق الثالثة.. لم يسقط حق الرابعة.
فإن لم يطلق، ولكن لما طالبته الأولى فوطئها.. فقد أوفاها حقها، وسقط حكم الإيلاء فيها وفي الباقيات. وكذلك إذا طلق الأولى ووطئ الثانية.. سقط حكم الإيلاء في الباقيات.
والفرق بين الطلاق والوطء: أنه إذا طلق بعضهن.. لم يحنث في يمينه، فكان الإيلاء باقيا في الباقيات. وإذا وطئ واحدة منهن.. فقد حنث في يمينه، ولزمته الكفارة، واليمين إذا حنث فيها.. سقطت؛ لأنها يمين واحدة، فهو كما لو قال: والله لا كلمت واحدة منكن، ثم كلم واحدة منهن.. فإنه يحنث، ويسقط حكم اليمين، وانحلت.