فإن استويا، بأن قطع ربع لسانه، فذهب ربع كلامه.. وجب عليه ربع الدية، وإن قطع نصف لسانه، فذهب نصف كلامه.. وجب عليه نصف الدية؛ لأن الذي فات منهما سواء.
وإن اختلف.. اعتبرت الدية بالأكثر، مثل: أن يقطع ربع اللسان، فيذهب نصف الكلام، فتجب عليه نصف الدية، أو يقطع نصف اللسان، فيذهب ربع الكلام، فيجب عليه نصف الدية، بلا خلاف بين أصحابنا في الحكم، وإنما اختلفوا في علته:
فمنهم من قال: لأن منفعة اللسان - وهو الكلام - مضمونة بالدية، واللسان مضمون بالدية، فإذا اجتمعا.. اعتبر أكثر الأمرين منهما، كما لو جنى على يده، فشلت.. ففيها جميع دية اليد، ولو قطع خنصره وبنصره.. وجب فيهما خمسا دية اليد وإن كانت منفعتهما أقل من خمسي منفعة اليد، ولكن اعتبارًا بأكثر الأمرين من منفعة اليد، وعضوها.
وقال أبو إسحاق: الاعتبار باللسان؛ لأنها هي المباشرة بالجناية، إلا أنه إذا قطع ربع لسانه، فذهب نصف كلامه.. فإنما وجب عليه نصف الدية؛ لأنه دل ذهاب نصف كلامه على شلل ربع آخر منها غير المقطوع.
إذا ثبت هذا: فقطع رجل ربع لسان رجل، فذهب نصف كلامه.. فقد ذكرنا: أنه يجب عليه نصف الدية، فإن جاء آخر، فقطع الثلاثة الأرباع الباقية من لسانه.. فإنه يجب عليه على التعليل الأول ثلاثة أرباع الدية؛ اعتبارًا بما بقي من اللسان، وعلى تعليل أبي إسحاق: يجب عليه نصف الدية وحكومة؛ لأنه قطع نصف لسان صحيحًا، وربعاَ أشل.
وإن قطع رجل نصف لسان رجل، فذهب ربع كلامه.. فقد ذكرنا: أنه يجب عليه نصف الدية، فإن جاء آخر، فقطع ما بقي من اللسان.. وجب عليه على التعليل الأول ثلاثة أرباع الدية؛ اعتبارًا بما بقي من الكلام، وعلى تعليل أبي إسحاق: يجب عليه نصف الدية لا غير؛ اعتبارًا بما بقي من اللسان.