والهاء، والحاء، والخاء، والعين، والغين. ولا تعتبر حروف الشفة، وهي أربعة: الباء، والميم، والفاء، والواو؛ لأن الجناية على اللسان، فاعتبرت حروفه دون غيرها. والمنصوص هو الأول؛ لأن هذه الحروف وإن كانت مخارجها من الحلق والشفة، إلا أنه لا ينطق بها إلا باللسان.
إذا ثبت هذا: فإن لم يذهب من كلامه إلا حرف واحد، لكنه تعطل بذهابه جميع الاسم الذي فيه ذلك الحرف، مثل: أن تتعذر الميم لا غير، فصار لا ينطق بـ: محمد.. لم يجب عليه إلا حصة الميم من الدية؛ لأن الجاني إنما يضمن ما أتلفه، فأما ما لم يتلفه بفعله وكان سليمًا إلا أن منفعته تعطلت لتعطل التالف.. فلا يضمنه، كما لو قصم ظهره، فلم تشل رجلاه، إلا أنه لا يمكنه المشي بهما لقصم ظهره.. فلا يلزمه إلا دية قصم ظهره، فكذلك هذا مثله.
وإن جنى عليه، فذهب من كلامه حرف إلا أنه استبدل به حرفًا غيره، بأن ذهب منه الراء، وصار ينطق بالراء لامًا في موضعه.. وجبت عليه دية الراء؛ لأن ما استبدل به لا يقوم مقامه.
فإن جنى عليه آخر، فأذهب هذا الحرف الذي استبدله بالذاهب.. وجب عليه دية ذلك الحرف، لا لأجل أنه أتلف عليه حرفًا قام مقام الأول، ولكن لأجل أن هذا الحرف إذا تلف في هذا الموضع.. تلف في موضعه الذي هو أصله. وإن لم يذهب بجنايته حرف، وإنما كان ألثغ، فزادت لثغته بالجناية، أو كان خفيف اللسان، سهل الكلام، فثقل كلامه، أو حصلت بكلامه عجلة، أو تمتمة.. وجب على الجاني حكومة؛ لأنه أذهب كمالًا من غير منفعة.