فإذا قلنا بهذا: فتلفت العين قبل انقضاء مدة الإجارة.. لم يبطل البيع؛ لأن المبيع هلك في يد المبتاع، ولكن تبطل الإجارة فيما بقي من المدة، وهل تبطل فيما مضى؟ على طريقين، مضى ذكرهما.
فإذا قلنا: تبطل.. فهل يرجع المكتري بأجرة المدة بعد البيع؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يرجع، وهو قول ابن الحداد؛ لأن الإجارة انفسخت لمعنى من جهة المستأجر، فلم يرجع بشيء، كالمرأة إذا ارتدت قبل الدخول.
والثاني: يرجع بأجرة المدة بعد البيع، وهو قول أكثر أصحابنا؛ لأن الإجارة انفسخت قبل انقضاء مدتها، فرجع بأجرة ما بقي، كما لو تقايلا.
وإن استأجر رجل من أبيه دارًا، فمات الأب قبل انقضاء الإجارة.. فهل تنفسخ الإجارة؟ على الوجهين الأولين.
فإن مات الأب وعليه دين يحيط بالتركة، فإن قلنا: إن الإجارة لا تنفسخ.. فإن الأجرة تؤخذ من الابن، وتقسم على أصحاب الديون، ولا تباع الدار حتى يستوفي الابن منفعته. وإن قلنا: إن الإجارة تنفسخ.. فإن أجرة ما بقي من المدة بعد الموت لا تؤخذ من الابن إن كان لم يدفعها، وتؤخذ الدار في الحال، وتباع لحق أصحاب الديون.
وإن كان الابن قد دفع جميع الأجرة إلى الأب.. قال ابن الحداد: رجع الابن هاهنا بأجرة ما بقي من المدة؛ لأنه لا صنع له في انفساخ الإجارة، بخلاف الشراء.
[فرع: استأجر من أبيه فمات فورثه]
وإن استأجر رجل من أبيه دارًا مدة معلومة، وسلم الأجرة إلى الأب، فمات الأب قبل انقضاء الإجارة ولا دين عليه، وخلف ابنين أحدهما هذا المكتري، فإن قلنا: لا تنفسخ الإجارة إذا مات الأب ولا وارث له غير المكتري.. لم تنفسخ الإجارة هاهنا في شيء من الدار، ولا يرجع الابن المكتري هاهنا على أخيه بشيء. وإن قلنا هناك: تنفسخ الإجارة.. فإن الإجارة لا تنفسخ هاهنا في نصف الدار الذي ورثه الابن غير