قال ابن الصبَّاغ: وعندي: أنه لا يجتمع من الطيب المستحب ما يساوي نصابا، لأن المستحب في تطيبه: التجمير بالعود وإن يطرح مع الحنوط وذلك لا يجتمع وإن كان مجتمعاً.. فلا قطع فيه
[فرع: مالكي الكفن]
] واختلف أصحابنا فيمن يملك الكفن:
فمنهم من قال: الكفن باق على ملك الميت لأنه محتاج إليه فكان باقيا على حكم ملكه وإن كان لا يجوز أن يدخل شيء في ملكه ابتداء، كما إذا مات وعليه دين؛ فإن الدين يكون باقيا في ذمته، وإن كان لا يجوز أن يثبت في ذمته دين ابتداء.
ومنهم من قال: إنه غير مملوك لأحد بل لله تَعالَى: لأنه لا يجوز أن يكون مملوكا لورثته، لأنهم لا يملكون التصرف فيه، ولا يجوز أن يكون مملوكا للميت، لأن الميت لا يملك.
ومنهم من قال: إنه مملوك للورثة، وهو الأصح لأنهم يملكون التركة والكفن من جملتها.
فإن كفن الميت بكفن من تركته، فأكل السبع الميت، أو ذهب به سيل وبقي الكفن، فإن قلنا: إن الكفن ملك للورثة.. قسم بينهم. وإن قلنا: إنه ملك للميت، أو لا مالك له.. نقل إلى بيت المال. ومن الذي يطالب بقطع سارق الكفن؟
إن قلنا: إنه ملك للورثة.. فهم المطالبون بقطعة. وإن قلنا: أنه لا مالك للكفن. فإن الإمام أو الحاكم يقطع سارقه من غير مطالبة أحد، كما لو سرق سارق سارية من سواري المسجد وإن قلنا: إن الكفن باق على حكم ملك الميت.. ففيه وجهان.
أحدهما: أن الحاكم لا يقطع السارق إلا بمطالبة الورثة، لأنهم يخلفون الميت.
والثاني: أن الحاكم يقطعه من غير مطالبة منهم، كما يقطع سارق مال الطفل والمجنون الذين لا ولي لهما.