[أحدهما] : قال أبو القاسم الأنماطي: لا تصح حتى يتساويا في قدر ماليهما، فإن كان مال أحدهما عشرة دنانير، ومال الآخر خمسة.. لم تصح؛ لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - شرط أن يخرج أحدهما مثل ما يخرج الآخر، ولأنهما إذا تفاضلا في المال.. فلا بد أن يتفاضلا في الربح؛ لأن الربح على قدر المالين، فلم يجز أن يتفاضلا في الربح مع تساويهما في العمل، كما لا يجوز أن يتساويا في المال، ويتفاضلا في الربح مع تساويهما في العمل، فكذلك هاهنا.
و [الثاني] : قال عامة أصحابنا: تصح الشركة وإن كانا متفاضلين في المالين؛ لأن المقصود في الشركة أن يشتركا في ربح ماليهما، وذلك يمكن مع تفاضل المالين، كما يمكن تساويهما، وما قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -.. فأراد به المثل من جهة الجنس والسكة، لا من جهة القدر، وأما اعتبار الربح بالعمل: فغير صحيح؛ لأن عمل الشريكين في مال الشركة لا تأثير له؛ لأنه تابع، وقد يعمل أحدهما في مال الشركة أكثر من عمل الآخر مع استوائهما في المال، وقد يعمل أحدهما في مال الشركة، وحده من غير شرط في العقد، ويصح ذلك كله، ولا يؤثر في الربح.
[فرع: التصرف بمال الشركة]
] : وإذا عقدا الشركة على مال لهما نصفين.. فإن كل واحد منهما يملك التصرف في نصف المال مشاعا من غير إذن شريكه؛ لأنه ملكه، وهل له أن يتصرف في النصف الآخر من غير إذن شريكه؟ فيه وجهان؛ حكاهما المسعودي [في " الإبانة " ق \ ٢٨٨] :
أحدهما: يملك ذلك، وبه قال أبو حنيفة؛ لأن هذا مقتضى عقد الشركة، فلم يحتج إلى إذن الآخر، كما لو عقد القراض على مال له.
والثاني - وهو طريقة البغداديين من أصحابنا -: أنه لا يملك ذلك من غير إذن شريكه؛ لأن المقصود من الشركة هو أن يشتركا في ربح ماليهما، وذلك يقتضي التوكيل من كل واحد منهما لصاحبه.