بخلاف الربح، فإنه ليس بحادث من أصل ماله، وإنما يحصل بتقليب العامل وتصرفه.
[مسألة: سلم النخل فادعى غصبها]
إذا سلم رجل إلى رجل نخلًا، وساقاه عليها بنصف الثمرة، أو بثلثها، فعمل عليها العامل، وحصلت الثمرة، ثم جاء رجل، وادعى: أن النخيل له، وأن المساقي غصبها منه، وأقام على ذلك بينة.. حكم له بالنخيل والثمرة؛ لأنها نماء ماله.
فإن كانت الثمرة باقية.. أخذها المالك، ولا يستحق العامل شيئًا منها؛ لأنها مساقاة فاسدة، ولا يستحق أجرة على رب النخيل؛ لأنه عمل على النخيل بغير إذنه، ولكن يرجع على الغاصب بأجرة عمله؛ لأنه استعمله فيها، فاستحق عليه الأجرة، كمن غصب نقرة، فاستأجر رجلًا على ضربها دراهم، فإن كان الغاصب والعامل قد اقتسما الثمرة وأتلفاها.. فللمالك أن يضمن الغاصب جميع الثمرة؛ لأنه حال بينه وبين الأصول، فضمن الأصول وما يتولد منها.
فإن أخذ منه المالك جميع الثمرة.. كان للغاصب أن يرجع على العامل بما أخذ من الثمرة؛ لأنه أخذه بعقد باطل، ويرجع العامل على الغاصب بأجرة عمله.
وإن اختار المالك أن يضمن العامل.. فله أن يضمنه نصيبه الذي قبضه لنفسه؛ لأنه أخذه عوض عمله، ولم يصح أخذه، فكان للمالك الرجوع عليه فيه، ويرجع العامل على الغاصب بأجره عمله.
وهل للمالك أن يرجع على العامل بجميع الثمرة؟ فيه وجهان:
[الوجه الأول] : من أصحابنا من قال: له أن يرجع عليه بجميع الثمرة؛ لأن يده قد ثبتت على جميع الثمرة مشاهدة بغير حق، فرجع عليه بجميعها، كما لو غصب رجل مالًا، وقارض عليه آخر، وتلف في يده.. فإن للمالك أن يضمن أيهما شاء بالجميع.
والوجه الثاني - وهو ظاهر قول المزني -: أنه لا يرجع عليه بالجميع، بل بما أخذه